للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هيبتك فأغنتك أقلامك عن سيوفك. واختار الصفائح دون غيرها من أسماء السيوف, نحو: القواضب والبواتر والقواطع؛ لأنه أراد أن يجيء بضد الأقلام إذ كانت لا عرض لها وإنما هي دقاق.

وقوله:

وكفتك التجارب الفكر حتى ... قد كفاك التجارب الإلهام

يقول: كفاك التجارب أن تفكر لأنك قد عرفت الأشياء, فإذا ورد عليك مشكل لم تحتج أن تفكر فيه؛ لأنك تقيسه على سواه. ثم ارتقت بك الفطنة إلى أن صار الله سبحانه يلهمك فعل الخير, والتحرج من الخطوب.

والإلهام: مأخوذ من قولهم: لهم الإنسان الشيء إذا بلعه, والله جلت عظمته كأنه يلقي التوفيق بصدره.

وقوله:

فارس يشتري برازك للفخـ ... ـر بقتلٍ معجلٍ لا يلام

يقول: برازك فخر عظيم يفتخر به مبارزك, فالذي يشتريه بالقتل لا يلام فيما صنع؛ لأنه يبني له مجدًا باقيًا, والعرب تفتخر بأنهم يقتلون. قال زهير: [الطويل]

وإن يقتلوا فيشتفى بدمائهم ... وكانوا قديمًا من مناياهم القتل

وقوله:

نائل منك نظرةً ساقه الفقـ ... ـر عليه لفقره إنعام

يقول: إن الرجل إذا كان فقيرًا فجاء يطلب نائلك فنال نظرةً إليك, فذاك إنعام لفقره عليه.

وقوله:

قد لعمري أقصرت عنك وللوفـ ... ـد ازدحام وللعطايا ازدحام

خفت إن صرت في يمينك أن يأ ... خذني في هباتك الأقوام

هذا معنى لم يعلم أن أبا الطيب سبق إليه؛ لأنه احتج لتأخره عنه بطلاب الأعطية يزدحمون لديه؛ لأنه خشي أن يؤخذ في الهبات, وهذه مبالغة لم يأت بمثلها سواه.

<<  <   >  >>