للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هجان اللون كالذهب المصفى ... صبيحة ديمةٍ يجنيه جان

وقوله:

وأول دايةٍ رأيا المعالي ... فقد علقا بها قبل الأوان

الناس يقولون للمرأة التي تلي الطفل: داية. ويجوز أن تكون مشتقةً من داية البعير لأنها تقوية للصبي كما أن داية البعير قوة له. وداية البعير: فقاره من ظهره. ويقال لعظام الصدر: دايات. ودعا لابني الممدوح فقال:

وكان ابنا عدو كاثراه ... له ياءي حروف أنيسيان

أراد: جعل الله سبحانه ابني عدو كاثرا هذا الملك له - أي للعدو - كياءي حروف أنيسيان؛ أي هما زيادة في عدده, ونقصان في قدره؛ يعني الياء التي بعد النون في أنيسيان, والياء التي بعد السين, وهو تصغير إنسان. وهذا معنى لم يأت به أحد قبل أبي الطيب. واختلف النحويون في إنسانٍ فادعى قوم أنه من النسيان وحكي ذلك عن ابن عباس. وفي الكتاب العزيز: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي} , وأخذ بذلك الطائي فقال: [الكامل]

لا تنسين تلك العهود فإنما ... سميت إنساناً لأنك ناس

والبصريون ينكرون أن اشتقاق إنسانٍ من النسيان ويزعمون أنه حرف شاذ. ولو أن إنساناً من النسيان لوجب أن يقال في وزنه: إفعان؛ لأن الياء وقعت موقع اللام, واشتقاقه عند البصريين من الإنس والأنس؛ واحتد عليهم بقوله في الجمع: أناسي؛ فذهب طائفة إلى أنهم أرادوا: أناسين فأبدلوا من النون ياءً؛ وهذه دعوى يمكن أن تكون ليست بالصحيحة. والذي لا ينكسر من القياس أن يقال: أناسي جمع إنسي كنحو قولهم: كرسي وكراسي, وسيف هندي وهنادي. والقافية من المتواتر.

* * *

<<  <   >  >>