للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرج هذا الشعر بتلك العلة من الإيطاء, وقد يكون إيطاءً على مذهب قومٍ؛ لأن من أهل العلم من يتشدد في تشابه اللفظ وإن اختلفت المعاني, فيجعل ذهب إذا أريد به الفعل الماضي مع الذهب الذي يراد به هذا الشيء المعروف إيطاءً لاتفاق اللفظين, وكذلك يجعلون الرجل بالألف واللام مع رجل إذا نكر إيطاءً, وفي ذلك بينهم خلاف.

وقوله:

غر طلعت عليه طلعة عارضٍ ... مطر المنايا وابلًا ورذاذا

هذا الموضع على رأي أبي عبيدة يجب أن يستعمل فيه أمطر؛ لأن أمطر عنده للعذاب والسخط, ومطر للرحمة. وقال قوم: هما سواء. والوابل الشديد الوقع من المطر, والرذاذ يزيد على الطل شيئًا.

وقوله:

سدت عليه المشرفية طرقه ... فانصاع لا حلبًا ولا بغداذا

انصاع: أي: ذهب في شق, قال الأخطل: [البسيط]

فانصاع كالكوكب الدري منصلتًا ... والثور يخلط تقريبًا بإحضار

ونصب حلبًا بإضمار فعلٍ كأنه قال: لا أتي حلبًا ولا بغداذ. وبغداذ تستعمل بالذال (٦٩/أ) تارة وبالدال أخرى, وإنما استعملوها في الإسلام بعد أن نزل بها أبو جعفر وقيل: إن ذاذا اسم صنمٍ, وبغ أصله باغ في كلامهم, وهو البستان, فكأنهم أرادوا بستان الصنم, وقيل: أرادوا ببغ العطية؛ وذاك غير ممتنعٍ؛ لأنه يقال: هذا بستان فلان, فإن قيل:

<<  <   >  >>