للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغلان: أودية كثيرة الشجر. وقالوا للسنة الصعبة: جداع معدولا, كأنهم أرادوا أنها تجدع أموال الناس؛ أي: تقطعها, أو تحملهم على أن يبخلوا فيدعى عليهم, فيقال: جدعًا لهم, قال أبو حنبل الطائي: [الوافر]

لقد آليت أغدر في جداع ... وإن أعطيت أمات الرباع

وقوله:

أأطرح المجد عن كتفي وأطلبه ... وأترك الغيث في غمدي وأنتجع

الكتف: بفتح الكاف وكسر التاء, أكثر في كلامهم من قولهم: الكتف, وهو مثل قولهم: الكبد والكبد. ومن الأمثال: «فلان يعلم من حيث تؤكل الكتف»؛ أي هو عالم بالأشياء عارف بما يأتي, ويذر, قال الشاعر: [المنسرح]

إني على ما ترين من كبري ... أعلم من حيث تؤكل الكتف

والانتجاع: طلب الكلأ, ثم قيل لكل طالبٍ: منتجع. وجلس أبو جهم بن حذيفة العدوي من عدي قريشٍ مع معاوية على المائدة, فجعل ياكل من بين يدي معاوية, فأنكر عليه فقال أبو جهم: من أجدب انتجع.

والمعنى أن الشاعر أنكر على نفسه أن يطلب الشرف بغير الرمح وما جرى مجره, وأن يحاول الرزق بغير السيف؛ فأخبر أن المجد على كتفه محمول؛ لأنه صاحب قناة, وأن الغيث في غمده, فكيف ينتجع والغيث في ملك يمينه, وهذا نحو من قول القائل: [الرجز]

واعمد إلى السيف وشفرتيه ... فاستنزل الرزق بمضربيه

<<  <   >  >>