للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعتقي في معنى يعتاق, يقال: عاقه عن كذا وعقاه, فهو عائق وعاقٍ. وقال الطهوي: [الوافر]

فلو أني سمعتك حين تدعو ... لعاقك عن لقاء الحي عاق

وقوله:

حتى أقام على أرباض خرشنةٍ ... تشقى به الروم والصلبان والبيع

الأرباض: جمع ربضٍ, وهو ما حول المدينة, والربض: المدينة نفسها, وقيل: بل هو ما تشمل عليه. والصلبان: جمع صليب, وهو في معنى مصلوبٍ في الأصل؛ لأن الذين يتخذونه يزعمون أن المسيح صلب, فهم يعظمون هذا المتخذ لذلك.

والبيع: جمع بيعةٍ, وهي كلمة تشبه كلام العرب؛ فيجوز أن تكون من البيع, والبيع عندهم من الأضداد, فكأنهم يريدون أنهم يبيعون فيها الكفر بالإيمان. والبيع يشتمل على أخذ شيءٍ وإعطاء من يؤخذ منه عوضه.

واسم البيعة يحتمل الوجهين, أن تكون من الشراء ومن البيع, أي: كأنهم يشترون الآخرة بالدنيا وتركها. وقالوا: بايع القوم الخليفة, وهم يذهبون إلى هذا الوجه كأنهم باعوه أنفسهم بما يعطيهم, ولايبعد أن البيعة التي هي أخذ العهد لما كان التابع فيها يأخذ يد المتبوع معاقدًا له على الوفاء, شبه ذلك بالمبايعة في التجارة والأسواق.

وقوله:

للسبى ما نكحوا والقتل ما ولدوا ... والنهب ما جمعوا والنار ما زرعوا

لو أن الكلام (١٠٠/ب) منثور لكان الوجه أن يقال: للسبي ما نكحوا, وللقتل ما ولدوا؛ فتعاد اللام في الجمل الثلاث التي بعد الجملة الأولى, وحذفها في هذا الموضع يسميه النحويون: العطف على عاملين, وهما اللام والابتداء؛ لأن المعنى: ما نكحو للسبي, ومثله قولهم: أخوك في الدار, والبيت أبوك, يريدون: وفي البيت. وأصحاب سيبويه يختلفون في مذهبه؛ فيذهب قوم إلى أنه كان يجيز العطف على عاملين, وبعضهم ينكر ذلك.

<<  <   >  >>