للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

إذا عرضت حاج إليه فنفسه ... إلى نفسه فيها شفيع مشفع

يقال: حاجة وحاج, كما يقال: ساعة وساع, وحاجة وحوج على غير قياسٍ, وحاجة وحوائج كأنهم جمعوا حائجةً, وقالوا: رجل محوج إذا احتاج إلى النفقة, وهذا على غير قياسٍ لأن الأكثر أن يعلوا هذه الواو, فيقولوا: أقام فهو من قام يقوم, وألام إذا أتى ما يلام عليه وهو من اللوم, وربما أصحو في مثل هذه الأفعال, كما قالوا: أحول المنزل, وأحال, إلا أنهم قالوا: أحوج الرجل, ولم يقولوا: أحاج فيعلوا, إلا أن يكون في كلامٍ شاذ.

وقوله:

خبت نار حربٍ لم يهجها بنانه ... وأسمر عريان من القشر أصلع

خبت النار إذا سكن لهيبها, والمصدر الخبو, وقالوا: خبوت النار, قال الشاعر: [الوافر]

وتوقد باليفاع الليل ناري ... تشب إذا يحس لها خبوت

كأنه أبدل من الواو الآخرة تاءً, وذلك مشابه لقولهم: تخمة من الوخامة, وتكأة من توكأت؛ أبدلوا التاء من الواو المضمومة في أول الكلمة, فيجوز أن يكون الخبوت من هذا الجنس؛ لأن الواو قد أبدلت منها التاء في حال الحركة والسكون, فقالوا في افعتل من الوعد: اتعد, والرجل متعد, وقالوا: أتلج الشيء في الشيء بمعنى أولج, ولا يمتنع أن يكون خبت اللهيب أصلًا في كلامهم, ويكون مأخوذًا من الخبت وهو المطمئن من الأرض مع سهولةٍ, ومنه قالوا: أخبت الرجل إذا تأله وخشع, كأنه ذل حتى لصق بالخبت من الأرض, وقد قالوا: خبت الرجل بمعنى أخبت.

وقوله: خبت نار حربٍ؛ الأحسن أن تكون على معنى الدعاء, كما يقال: لا كانت حرب لم يهجها فلان. ويعني بالأسمر العريان من القشر: القلم, (١٠٦/أ) وجعله أصلع؛ لأنه لا نبات عليه, ومن ذلك قولهم للرأس: أصلع, وللجبل إذا لم يكن فيه شجر, وقالوا للحجر: صلع؛ لأنه لا ينبت.

وقوله:

نحيف الشوى يعدو على أم رأسه ... ويحفى فيقوى عدوه حين يقطع

<<  <   >  >>