للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا لم يبصر بالليل. وقال الراجز: [الرجز]

يعشى إذا أظلم عن عشائه

وكأنه يريد أن البرق يقل نوره, ويخفى إذا تبسم هذا الممدوح؛ لأن لمعان ثغره يزول عنده لمع البرق, ويغيب فيه, فجعل فقد نوره كالعشى في العين؛ لأن بصرها يضعف.

وقوله:

الحازم اليقظ الأغر العالم الـ ... ـفطن الألد الأريحي الأروعا

نصب الحازم على إضمار فعلٍ, كأنه قال: أعني الحازم أو أمدحه, أو نحو ذلك من الأفعال. ويقال: يقظ ويقظ؛ أي: لا يغفل عن الأشياء, وإذا وصفوا الرجل بأنه فطن للأشياء غير مغفلٍ للرأي وصفوه باليقظ واليقظان, وإذا عجبوا من غفلته وإضاعته ما يليه شبهوه بالنائم, قال الشاعر: [الوافر]

أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام

ويصفون الرجل بقلة النوم, قال الراجز: [الرجز]

أعرف فيه قلة النعاس ... وخفةً من راسه في راسي

كيف رأيت عنده مراسي

ويقولون للرجل: أغر إذا وصفوه ببياض الوجه, ويسمون الوجه غرةً, يقولون: هو ميمون الغرة, وأصل ذلك في الخيل. وأصل الألد: الشديد الخصومة؛ كأنهم يريدون أنه يلد خصمه بما يكره, أو أنه يميله في لديده, واللديد: صفحة العنق, ويجوز أن يسمى الجنب: لديدًا, ومنه قولهم: تركته يتلدد؛ أي: يميل في جانبيه, وهم يحمدون البلاغة واستظهار الرجل على خصمه, ويذمون العي والانقطاع, قال الشاعر: [الطويل]

يكاد يزيل الأرض وقع خطابهم ... إذا وصلوا أيمانهم بالمخاصر

<<  <   >  >>