للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن غلامًا نيل في عهد كاهلٍ ... لظرف كريم الوالدين صريح

وغيره يروي: لطرف؛ فإن صحت رواية السكري فقولهم: قوم ظروف جمع رجلٍ ظرفٍ كما يقال: ضيف وضيوف. وقال قوم: الظرف إناء الشيء, وإنما قيل: رجل ظريف, كنحو قولهم: رجل جسيم إذا وصف بالجسامة, فأرادوا بهذه اللفظة أن جسمه أفضل من جسم غيره, وذكر الصاحب بن عبادٍ هذا البيت فيما عابه على أبي الطيب؛ لأنه جاء بحرف ساكنٍ في النصف الأول من البيت ولم تجر العادة بمجيء مثله إلا في التصريع, ومثل ذلك مفقود في شعر العرب, والغريزة تنكره بعض الإنكار, وموقع هذا الساكن هو موقع الكاف من قوله: حكم. وفي بعض ما روي أن أبا الطيب ذكر له ذلك فأجاب السائل عنه بأن أنشده قول النابغة: [الطويل]

جزى الله عبسًا عبس آل بغيض ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

فإن صحت هذه الحكاية؛ فإنه أراد أن يخبر أن الشعراء قد جاءت في أنصاف الأبيات بما هو أقبح من هذه الزيادة, وبيت النابغة فيه نقص حرفٍ متحركٍ, وليس هو مردودًا إلى أصلٍ. وبيت أبي الطيب إنما هو إلى أصل الوزن. وهو أقوى من بيت النابغة؛ لأن أصل هذا الوزن أن يكون عدد حروفه ثمانيةً وأربعين حرفًا.

وقوله:

أمات رياح اللؤم وهي عواصف ... ومغنى العلى يودي ورسم الندى يعفو استعار للريح الموت, كما استعاروا لها المرض, فقالوا: ريح مريضة؛ أي: ضعيفة, وجعل للؤم رياحًا عاصفةً؛ لأن اللؤم مذموم, وكذلك الريح العاصفة ليس فيها فائدة. والواو في قوله: ومغنى في معنى إذ أي أمات رياح اللؤم وهي تعصف فتودي بمغنى العلى وتعفي رسم الندى.

<<  <   >  >>