للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

يابن من كلما بدوت بدا لي ... غائب الشخص حاضر الأخلاق

شبهه بأبيه, وهذا يشبه قوله: [الطويل]

وأنت أبو الهيجا ابن حمدان يا بنه ... تشابه مولود كريم ووالد

يقول: أنت تشبه أباك في الخلق والخلق, فكلما بدوت فكأنه لي بادٍ, إلا أن شخصك؛ وإن كان مثل شخصه, فليس هو شخص الأب, وإنما هو مشابه له؛ لأن أباك غائب, وأخلاقك مثل أخلاقه.

وقوله:

لو تنكرت في المكر لقومٍ ... حلفوا أنك ابنه بالطلاق

يقول: لو تنكرت في المكر لئلا يعرفك من جرت عادته بعرفانك لحلفوا أنك ابن المكر, لا ابن والدك المشهور, وإنما حملهم على ذلك أنهم يجدونك فيه سالمًا, فكأنه أب لك يشفق عليك من أن يصيبك جرح من سيفٍ أو طعنةٍ. وإن حمل على أنهم يريدون أنه ابن أبيه لشبهه به فهو يحتمل ذلك.

وقوله:

كيف يقوى بكفك الزند وإلآ ... فاق فيها كالكف في الآفاق

هذه مبالغة ليست بالخافية, فهي مع إسرافها مستحسنة لا يلحقها ما لحق مبالغته في ذكر الفرس؛ لأن من يمدح يجتهد في وصفه بما لا يقدر عليه من سعة النفس والشجاعة والكرم.

وقوله (١٢٦/ب):

قل نفع الحديد فيك فما يلـ ... ـقاك إلا من سيفه من نفاق

اللقاء على ضربين:

لقاء مسالمٍ, ولقاء محاربٍ, فلقاء المسالم يجوز أن يكون فيه صادقًا فيما يظهره ويخفيه, ولا يمتنع أن يكون يتقي بالنفاق.

والمحارب لا يمكنه أن يلقى هذا الممدوح إلا بسيفٍ من منافقةٍ, كأنه يستأمن إليه, ويقول: أنا وليك وعبدك, وإنما يريد بذلك سلامة نفسه.

<<  <   >  >>