للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى هذا البيت: أني كنت في حال شبيبتي على حالٍ فغيرها تقادم الدهر؛ لأني شبت, وكان شعري حالكًا, وقل ماء وجهي, وكان كثيرًا, وضعفت أعضائي بعد قوةٍ, فكأن جسمي قد بدل, وهذا معنى يتردد في الشعر كثيرًا, ومنه قول النمر بن تولبٍ: [الطويل]

لعمري لقد أنكرت نفسي ورابني ... مع الشيب أبدالي الذي أتبدل

فضول أراها في أديمي بعدما ... تكون كفاف اللحم أو هو أجمل

كأن محطا في يدي حارثيةٍ ... صناعٍ علت مني به الجلد من عل

وقال كثير: [الطويل]

وقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

وقال آخر: [الكامل]

الدهر أبلاني وما أبليته ... والدهر غيرني وما يتغير

والدهر قيدني بحبلٍ مبرمٍ ... ومشيت فيه فكل يومٍ يقصر

وقد ذهب قوم إلى أن معنى بيت أبي الطيب: أنه كان شابًا, فلما ذهب الشباب عنه رآه في غيره من الناس. والقول الأول أجود.

وقوله:

وقد طرقت فتاة الحي مرتديًا ... بصاحبٍ غير عزهاةٍ ولا غزل

يعني بالصاحب هاهنا: السيف. وذكر أنه مرتديه لأن العرب تسمي السيف رداءً, والعزهاة: الذي يحب حديث النساء, يقال: رجل عزهاة وعزهى على وزن فعلى, والغزل الذي يحب حديث النساء, يقول: صاحبي هذا لا يوصف بهذين الوصفين.

<<  <   >  >>