للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما: أن هذه الساعات كلها ساعة واحدة، يعني أنه لم يرد به تحديد الساعات التي يدور عليها الليل والنهار، بل سمى أجزاء تلك المدة التي بعد الزوال ساعات كقول القائل: بقيت في المسجد ساعة.

والثاني: أن المراد بالرواح إنما هو بعد طلوع الشمس، فسمى القاصد لها قبل وقتها رائحًا، كما يقال للمقبلين على مكة حجاجا. اهـ.

أقول: الإشكال باق على الوجهين، أما على الأول فلأن من جاء بعد الزوال ليس له أجر التكبير والمسارعة، بل له أجر إدراك الصلاة فقط، وأما على الثاني فلأن اليوم عن أهل الشرع من الفجر لا من طلوع الشمس، ولئن سلمناه بناء على العرف العام من أن اليوم من طلوع الشمس فالساعات منه إلى الزوال ست لا خمس، فتبقى الساعة السادسة، ولأن خروج الإمام وطي الصحف إنما هو في السابعة لا في السادسة.

وروى "النسائي" في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنه ثم كالمهدى بقرة ثم كالمهدي شاة ثم كالمهدي بطة ثم كالمهدي دجاجة ثم كالمهدي بيضة".

وقال "النووي": في هذه المسألة خلاف مشهور، فذهب "مالك" وبعض الشافعية إلى أن لمراد بالساعات لحظات لطيفة بعد الزوال، قالوا: والرواح الذهاب بعد الزوال.

وذهب الجمهور إلى استحباب التبكير إليها أول النهار، والساعات عندهم من أول النهار، والرواح - كما قال "الأزهري" - الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو في الليل وهو الصواب، لأنه لا فضيلة لمن أتى بعد الزوال؛ لأن التخلف بعد النداء حرام، فذكر الساعات إنما هو للحث على التبكير إليها والترغيب في فضلية السبق وانتظارها والاشتغال بالتنقل والذكر ونحوه ومولا يحصل بالذهاب بعد الزوال.

واعلم أن الساعة في اللغة وعرف الشرع غير محدودة بما قدره أهل التعديل سواء كانت مستوية أو معوجة كما سمعته [وصرح به "ابن بري"، لكن قال في] "رشف

<<  <   >  >>