للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي لفظة "نعم" لغتان: كسر العين وفتحها, وقد قرئ [بهما] وجمع بعضهم بين اللغتين في بيت فقال:

(دعاني "عبد الله" نفسي فداؤه ... فيا لك من داع دعاني نعم نعم)

ــ

وقال "المرادي": إن منه قول الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال لهم: "ألستم ترون ذلك؟ قالوا: نعم". وإنما ساغ هذا لأمن اللبس, وقد تؤول بيت "جحدر" بأنه جواب لمقدر في نفسه من أن الليل يجمعه وأم عمرو, وأجاز بعضهم أن يكون جواباً لما بعده فقدم. وقال "أبو حيان": الأولى أن يكون جواباً لقوله: فذاك بنا تدانى. وقال "الكرماني": إنه كذلك في أصل اللغة, وأما العرف فلا يفرق بينهما, ومنه يعلم الجواب عما حكاه عن "ابن الأنباري". وفي "المغني": بلى لا يجاب بها الإيجاب وذلك متفق عليه, ولكن وقع في عدة أحاديث ما يقتضي خلافه كحديث "البخاري" أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى, لكنه قليل لا يقاس عليه. (حتى قال بعضهم: إن أصلها بل, وإنما زيدت الألف ليحسن السكوت عليها)]. [قال "ابن فارس" في فقه اللغة للصحابي": إنها بل وصلت بها ألف لتكون دليلاً على كلام: يقول القائل: أما خرج زيد؟ فتقول: بلى. فبلى رجوع عن جحد, والألف فيها دلالة على كلام كأنك قلت: بل خرج زيد, يعني أنها مدة كمدة التذكير] [وفيما أنشده من قول الشاعر:

(فيا لك من داع دعاني نعم نعم)

جمع بين اللغتين ليتغاير لفظاهما, ولو فتحت عينها كان تأكيداً, ومما يحسن إيراده هنا قولي:

(وقائلة في فتية وعظوا وما ... لهم عظة تجدي لدى سائر الأمم)

(أهم إبل للماء يحمل ظهرها ... وقد ظمئت في البر؟ قلت: نعم نعم]

<<  <   >  >>