للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(٥٢) شعر أبي صخر]

قال " من الطويل ":

تعزيت عن ذكر الصبا والحبائبِ

فيها:

ولو انهم قالوا لقد كنت مرة ... عرفت ولم أنكر جواب المجاوب

قال: أراد كنت تحبهن فكيف تنهانا. إذا استضعف من جهة السماع ومن طريق القياس جميعا حذف خبر " كان " وقلما مَرَّ بي منه، ووجه ضعفه من قبل القياس أن خبر " كان " إنما لزمها ليفاد منه الحدث المخترم منها، ألا ترى انك إذا قلت: " كان زيد قائما "، فإنك إنما استفدت الحث الذي هو القياس من قائم لا من " كان "، ف " كان " خبرها جميعا يفيدان ما يفيده الفعل مجردا بنفسه. فكما لا يجوز انفكاك الفعل من دلالة الحدث إلا في هذه الأفعال التي لزمها أخبارها أعواضا مما جردت منه من أحداثها، أعني كان وأخواتها من نحو: أصبح وأمسى وبقية الباب، فكذلك لا يحسن حذف خبر " كان " لما ذكرت لك، وليس كذلك خبر المبتدأ لانه لم يؤت به عوضا من حذف مخترم فيلزم ترك حذفه كما يترك خبر الحديث من المثال المصوغ لتحصيل الحدث في أحد الأزمنة وهي المثل التي يسميها النحويون الأفعال. فهذا وجه امتناع حذف خبر " كان " وأخواتها من طريق القياس، فإن جاء فيها شيء من ذلك فهو لامرين، أحدهما: انه في الأصل خبر المبتدأ وقد ساغ واطرد حذف خبره، والآخر: انه قد شابه المفعول بانتصابه بعد المرفوع، والمفعول سائغ شائع حذفه.

<<  <   >  >>