للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: فمن أين ذلك وليس مسوغا أن يرتجل لنفسه لغة أخرى؟

قيل: قد يمكن أن يكون ذلك وقع إليه من لغة قديمة طال عهدها وعفا رسمها فقد أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحجاج عن أبي خليفة الفضل بن الحباب قال: قال لي ابن عون عن ابن سيرين قال: قال عمر بن الخطاب:

" كان الشعر علم قوم ولم يكن لهم علم أصح منه ".

فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم ولهت عن الشعر وروايته فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح واطمأنت العرب في الأمصار راجعوا رواية الشعر فلم يؤولوا إلى ديوان مدون ولا كتاب مكتوب وألفوا ذلك وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل فحظوا أقل من ذلك وذهب عنهم كثيره.

ثم روى بسنده عن أبي عمرو بن العلاء قال: " ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ولو جائكم وافرا لجائكم علم وشعر كثير ".

وعن حماد الراوية قال: " أمر النعمان فنسخت له أشعار العرب في الطنوج _ وهي الكرايس _ ثم دفنها في قصره الأبيض فلما كان المختار بن أبي عبيد قيل له إن تحت القصر كنزا فاحتفره فأخرج تلك الأشعار فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من أهل البصرة ".

قال ابن جني:

"فإذا كان كذلك لم يقطع على الفصيح يسمع منه ما يخالف الجمهور بالخطأ ما دام القياس يعضده فإن لم يعضده كرفع المفعول

<<  <   >  >>