للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زَرْقَاء اليمامة:

*تَمَّ الحَمَامُ مِيه* (١)

فإِذا كتبتَ "أَخذتُ مِيه" -بلا زيادة ألف- اشتبهت بـ "أَخَذْتُ مِنْه"، لأنهم كانوا أولًا يتساهلون بترك النَّقْط كما كان المصحف أولًا في عصر الخلفاء الراشدين، فجعلوا زيادة الألف لمنع الالتباس، ولكنهم أبقوها معها عند التركيب مع الآحاد في نحو: "ثَلَثُمِائَة" و"سِتُمِائة" وأخواتهما. بل أبقاها بعضهم في "مِائَتَيْن" أيضًا، إِلحاقًا للمثنى بالمفرد، لعدم تَغيُّر الصورة، بخلاف الجمع نحو "مِئَات" و"مِئِين".

قال أبو حيان (٢): "وكثيرًا ما أكتب أنا "مِئَة" بلا ألف مثل كتابة "فِئَة"، لأن زيادة الألف خارج عن الأقيسة. فالذي اختاره كتابتها بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة، أو بالياء دون الألف على وجه تسهيلها".

قال: (٣) "وقد رأيت بخط بعض النحاة "مِأَة" بألف عليها همزة دون ياء. وقد حُكِىَ كَتْبُ الهمزة المفتوحة ألفًا إِذا انكسَر ما قبلها عن حُذَّاق النحويين، منهم الفَرَّاء، رُوِىَ عنه أنه كان يقول: يجوز أن تُكتب الهمزة ألفًا في كل موضع" اهـ، كذا في "الهَمْع" (٤).

ونقل هناك (٥) عن الكوفيين تعليلًا آخر لزيادة الألف في "مِائَة" يطول علينا إِيراده بما فيه من المناقشات والمناقضات. وإنما أقول هنا: سبق في الكلام على الهمزة المتطرفة المفتوح ما قبلها إِذا عَرَض لها التوسط (بأن اتصل بها ضمير نحو "مَلَائِه" و"خَطَائِه") أن إِمام الكوفيين -وهو ثَعْلب (٦) - قال: "وربما


(١) تقدم ذكره ص (١٣٣) وانظر هناك التعريف بزرقاء اليمامة.
(٢) تقدمت ترجمته ص ٣٢.
(٣) القائل أبو حيان.
(٤) همع الهوامع جـ٦ ص ٣٢٧.
(٥) أي السيوطي في همع الهوامع جـ٦ ص ٣٢٦.
(٦) تقدم التعريف بثعلب ص ١٨٥.

<<  <   >  >>