للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتعلمها بِشر بن عبد الملك أخو أُكَيْدِر بن عبد الملك صاحب دُومَةِ الجَنْدَل (١)، وكان له صُحْبة بحرب بن أُميَّة (٢) لتجارته عندهم في بلاد العراق، فتعلم حَرْب منه الكتابة، ثم سافر معه بِشْر إِلى مكة، فتزوج الصَّهْباء بنت حرب أخت أبى سفيان (٣)، فتعلم منه جماعة من أهل مكة. فبهذا كَثُر من يكتب بمكة من قريش قُبيْل الإِسلام، ولذلك قال رجل كِنْدِى من أهل دُومَة الجَنْدَل يَمُنُّ على قريش بذلك:

لا تَجْحَدُوا نَعْماءَ بِشْرٍ عَلَيْكُمُو ... فَقَدْ كَانَ مَيْمُونَ النَّقِيبةِ أَزْهَرَا


(١) دومة الجندل: حصن وقرى بين الشام والمدينة، على سبع مراحل من دمشق، قرب جبلي طيء. سميت بدوم (وقيل: دوما، رقيل: دوماءُ) بن إِسماعيل عليه السلام. قال ابن الكلبي: لما كثر ولد إِسماعيل عليه السلام بتهامة خرج دوماءُ بن إِسماعيل حتى نزل موضع دومة الجندل وبنى به حصنًا، فقيل: دوماء، ونسب الحصن إِليه وقيل: سميت دومة الجندل لأن حصنها مبني بالجندل، وهو الحجارة (معجم البلدان جـ٢ ص ٤٨٧، لسان العرب - جندل).
وأُكيدر هو أُكَيدر بن عبد الملك بن عبد الحيّ ... السكوني الكندي، كان ملكًا علي دومة الجندل، ووجَّه إِليه النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد (وكان في تبوك) سنة ٩ هـ، فأسره خالد، وقتل أخاه حسان، وافتتح "دومة" عنوة. ثم إِن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح أكيدر على "دومة" وآمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية، وكان نصرانيًا فأسلم، فأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما في يده. ثم نقض أكيدر الصلح بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وارتد، فغزا خالد بن الوليد دومة الجندل سنة ١٢ هـ في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وقتل أكيدر (راجع تاريخ الطبرى جـ٣ ص ١٠٨ - ١٠٩، ص ٣٧٨، ص ٣٨٥. معجم البلدان جـ٢ ص ٤٨٧ - ٤٨٨).
(٢) سبق التعريف به - راجع حاشية رقم (٣) ص٥٠.
(٣) صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، صحابى، من سادات قريش في الجاهلية، وهو والد معاوية رأس الدولة الأموية. كان من رؤساء المشركين في حرب الإِسلام عند ظهوره، وقاد قريشًا وكنانة يوم أحد ويوم الخندق لقتال الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأسلم يوم فتح مكة وأبلى بعد إِسلامه البلاء الحسن، وشهد حُنينًا والطائف، ففقئت عينه يوم الطائف، ثم فقئت الأخرى يوم اليرموك سنة ١٣ هـ، فعمى. وكان من الشجعان الأبطال. ولما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أبو سفيان عامله على نجران، وتوفي بالمدينة سنة ٣١ هـ (انظر الإصابة في تمييز الصحابة جـ٣ ص ٤١٢ - ٤١٥، المحبَّر ص ٢٤٦، البدء والتاريخ جـ٥ ص ١٠٧ الأعلام جـ ٣ ص ٢٠١.

<<  <   >  >>