للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدو أكثر من مائة مرة فهان عليهم التخلي عن الدنيا، وهانت عليهم رزئة أولادهم ونسائهم في نفوسهم، ونزلت الآيات التي تأمر بإنفاق الأموال والجهاد بالنفس والولد والعشيرة، فنشطوا وخضعوا لامتثال أمرها.

انحلت العقدة الكبرى - عقدة الشرك والكفر - فانحلت جميع العقد فانتصر الاسلام فكانوا لا يشاقون الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى ولا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضى، ولا تكون لهم الخيرة من بعد ما أمر ونهى حدثوا الرسول عما اختانوا به أنفسهم وعرضوا أجسادهم للعذاب الشديد اذا فرطت منهم زلة استوجبت الحد وأنصفوا من نفوسهم انصافهم من غيرهم وأصبحوا في الدنيا رجال الآخرة لا تجزعهم مصيبة ولا تبطرهم نعمة، ولا يشغلهم فقر، ولا يطفهم غنى ولا تلهيهم تجارة، ولا تستخفهم قوة، ولا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، وأصبحوا للناس القسطاس المستقيم قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسهم أو الوالدين والأقربين، وطالهم أكناف الأرض وأصبحوا عصمة للبشرية، ووقاية للعالم، وداعية الى دين الله، واستخلفهم رسول الله في عمله، ولحق بالرفيق الأعلى قرير العين من أمته ورسالته.

انتقل العرب والذين أسلموا عن معرفة الجاهلية العليلة الغامضة الميتة الى معرفة عميقة واضحة روحية ذات سلطان على الروح والنفس والقلب والجوارح ذات تأثير في الأخلاق والاجتماع ذات سيطرة على الحياة وما يتصل بها.

آمنوا بالله الذى له الاسماء الحسنى والمثل الأعلى، آمنوا برب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور العزيز الحكيم الغفور الودود الرؤف الرحيم، له الخلق والأمر بيده ملكوت كل شيء، يجير ولا يجار عليه الى آخر ما جاء في القرآن من وصفه يثيب بالجنة ويعذب بالنار، ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر.

يعلم الخب في السموات والأرض ويعلم خائنة العيون وما تخفى الصدور الى آخر ما جاء في القرآن من قدرته وتصرفه وعمله، فانقلبت أنفسهم بهذا الإيمان الواسع انقلابا عجيبا، فإذا آمن

<<  <   >  >>