للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدالة من أسس المجتمع الإسلامي، ولقد طبقت تطبيقا رائعا في الصدر الأول من الاسلام، فالنبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي وحين طالبه اليهودي طلبه في غلظة قائلا: انكم يا بنى عبد المطلب قوم مطل فهم عمر بأن يؤدبه على هذا التجرء على الرسول فقتال له النبي عليه السلام في هدوء: (يا عمر أنا وهو كنا أحوج الى غير هذا منك تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن الاقتضاء) ويسير المؤمنون على هذا النهج رافعين راية العدل المطلقة.

الاسلام نظام عالمي، وهذا النظام ليس مستعارا ولا خليطا، بل هو نظام رباني قائم بذاته مستقل بروحه أنقد أمما عظيمة في الماضي كانت ترزح تحت قوانين جائرة ونظم فاسدة، وسيتنفذ ان شاء الله أمما عظيمة في المستقبل لأن قوانينه لا زالت مطمح أنظار العالم في حل المشكلات العويصة، لأنه القانون الوحيد الذي يساير طبيعة البشر وميولاتهم الفطرية.

الاسلام جاء يبني مجتمعا لا يعرف الطبقات، ولا الطوائف والأحزاب إلا حزب الله لأنه قد أتى بقوانين عادلة لتطهير المجتمع من الأمراض الفاسدة وهذه القوانين تناولت حياة المجتمع كلها.

التعليم في الاسلام هو الاساس الأول لبناء المجتمع، وتكوين الفرد، وهو النور الذى يسير الانسان على هديه في شؤون دنياه وآخرته، ولذا أمر الاسلام به في أول آية نزلت من السماء: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (١). هذه الدعوة ليست مقصورة على الرسول صلى الله عليه وسلم بل تتعداه الى الانسانية جمعاء ...

ولقد أهاب الاسلام بالإنسان أن يسعى في مناكب الأرض طلبا للعلم والمعرفة بقوله عز وجل: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} (٢).


(١) سورة العلق
(٢) سورة الحج

<<  <   >  >>