للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا التبشير الممزوج بالسياسة، بل هذه السياسة المغلقة بالتبشير، هو الاستعمار. على أن هذا الاستعمار لم يكن خاصًا بالفرنسيين، ولكنه ظهر عند الفرنسيين في أبشع صوره.

ولقد أجمع الأب اليسوعي (ملييز) (١) سياسة فرنسا الدينية في الشرق من جميع جوانبها قال: «إِنَّ الحَرْبَ الصَّلِيبِيَّةَ الهَادِئَةَ التِي بَدَأَهَا مُبَشِّرُونَا فِي القَرْنِ السَّابعِ عَشَرَ لاَ تَزَالُ مُسْتَمِرَّةً إِلَى أَيَامِنَا. إِنَّ الرُّهْبَانَ الفِرَنْسِيِّينَ وَالرَّاهِبَاتِ الفَرَنْسِيَّاتِ لاَ يَزَالُونَ كَثِيرِينِ فِي الشَّرْقِ» (ص ٢٣).

«لَقَدْ اِحْتَفَظَتْ فِرَنْسَا طَوِيلاً بِرُوحِ الحُروبِ الصَّلِيبِيَّةِ وَبِالحَنِينِ إِلَى تِلْكَ الحُروبِ حَيَّةً فِي نَفْسِهَا، وَكَثِيرًا مَا فَكَّرَ مُلُوكُهَا بِحَمْلَةٍ صَلِيبِيَّةٍ جَدِيدَةٍ (عَلَى الشُّرْقِ)، وَلَكِنَّ أُورُوبَا المُنْشَقَّةُ (عَلَى نَفْسِهَا) كَانَتْ دَائِمًا تَجْعَلُ مِنَ المُسْتَحِيلِ (عَلَى فِرَنْسَا) أَنْ تَقُومَ بِحَمْلَةٍ بَعيدَةَ المَدًى ...» (ص ١٤، ١٥).

«وَكَانَ مِنْ غَايَاتِ الاِمْتِيازَاتِ الأَجْنَبِيَّةِ دَائِمًا أَنْ تَحْتَفِظَ (فِرَنْسَا) بِالدُّورِ الذِي يَلْعَبُهُ رُهْبَانُهَا، وَإِنْ تَوَسَّعَ ذَلِكَ الدَّوْرُ. وَقَدْ اِعْتُرِفَ لِقَنَاصِلِنَا وَسُفَرَائِنَا بِالِحِماِيَةِ لِلْنَّصَارَى، تِلْكَ المُهِمَّةُ الصَّعْبَةُ التِي لَمْ تُخْلَعْ عَلَيْهِمْ إلاَّ شَرَفَ حُضُورِ القَدَادِيسِ فِي الكَنَائِسِ. وَلَقَدْ كَانُوا يَبْذُلُونَ جُهْدًا كَبِيرًا لِيُهَدِّئُوا مِنْ اِرْتِجَافِ المُسْلِمِينَ المُتَعَصِّبِينَ وَلِيَحْمُوا أَعْمَالَ المُبَشِّرِينَ فِي الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ» (ص ١٥، ١٦).

«وَكَانَ مُمَثِّلُو فِرَنْسَا يُسَانِدُونَ أَعْمَالَ مُبَشِّرِينَا» (ص ٢٢).

«وَكَانَ لِفرنسا فِي أَكْثَرِ الأَحْيَانِ قُصَّادٌ رَسُولِيُّونَ فِي أَشْخَاصِ قَنَاصِلِهَا، وَخُصُوصًا فِي القَرْنِ السَّابِعِ عَشَرَ» (ص ٥٠).

وكثيرًا ما اختارت فرنسا قناصلها وسفراءها من رجال الدين.


(١) Milliez, La Croisade du Levant

<<  <   >  >>