للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به أهل زغرتا (١). وكان الدروز أيضًا يتلقون السلاح من إنجلترا. وسنرى فيما بعد أن فتنة عام ١٨٦٠ المشؤومة كانت منسوجة بأصابع الدول الأجنبية.

وقل إن استطاع المبشرون التأثير في البيئة الإسلامية، ولذلك وجهوا اهتمامهم إلى البيئة المسيحية يثيرون الخلاف في طبقاتها وبين أهل مذاهبها. فما أن جاء المبشرون البروتستانت إلى سورية حتى وقف رجال المذهب الماروني والمذهب الأرثوذكسي موقف الدفاع الشديد، فإن البطريرك الماروني هدد كل ماروني يقترب من البروتستانت أو يعاملهم أو يؤجرهم مسكنًا أو يلبي طلبًا أو يساعدهم على البقاء في البلاد بالحرمان (٢). وكذلك كان الإكليروس الأرثوذكسي يضطهد كل من يميل من الأثوذكس إلى المبشرين البروتستانت (٣). ولم يكتف الإكليروس الماروني بِحَثِّ أَتْبَاعِهِ عن الابتعاد عن البروتستانت بل زعم (جسب) أنه كان يحمل أتباعه على اضطهاد أهل المذاهب النصرانية الأخرى (٤)، وخصوصًا بعد أن طمع البطريرك الماروني ببسط سلطة زمنيةعلى جبل لبنان (٥).

وهكذا نجد أن المنافسة بين المبشرين البروتستانت وبين المبشرين اليسوعيين ألقت في البلاد فتنًا وإحنًا ومنازعات مذهبية واجتماعية (٦). على أننا لن نفصل هذه كلها، فهي كثيرة (٧). ولقد تبارى المبشرون البروتستانت واليسوعيون في خلق هذا الاضطراب. فقد اتفق مثلاً أن حدث خلاف في الكنيسة الأرثوذكسية في دمشق فصبأ ثلاثمائة من الأثوذكس إلى البروتستانتية (نكاية بأبناء دينهم). ثم زال الخلاف فعاد هؤلاء كلهم إلى مذهبهم القديم (٨).

ولما مرض (موسى عطا) مرض الموت، وكان قد صبأ من مذهب الروم الكاثوليك إلى المذهب البروتستانتي، جاء القسس الروم الكاثوليك ودخلوا عليه ثم أغلقوا باب بيته ولم يدعوا أحدًا يدخل. ثم ادعوا أنه عاد إلى الكثلكة. ولكن البروتستانت لم يشاءوا أن ينهزموا فحدثت فتنة في زحلة لم تهدأ ثائرتها إلا بعد أن تدخل رجال الشرطة ومات (موسى عطا) بعد بضعة أيام من مرضه (٨ نيسان ١٨٧٢)، ولكن زحلة بقيت في المناقشات الدينية


(١) Jessup ١٥١
(٢) Richter ١٨٧ f
(٣) Richter ١٩٤ et Passim
(٤) Jessup ١٥٨
(٥) cf. Jessup ١٥٩
(٦) Jessup ١٩٦ f. et Passim
(٧) cf. Jessup ٢٤٣f. et Passim
(٨) Jessup ٥٨٧

<<  <   >  >>