للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثورة الدينية التي أثارها محمد بن أحمد المعروف بـ " المهدي "، في رمضان من سنة ١٢٩٨ هـ (صيف ١٨٨١ م).

في ذلك الحين كان خديوي مصر إسماعيل باشا قد خُلِعَ (١٢٩٦ هـ - ١٨٧٩ م) وخلفه ابنه توفيق الذي كان أضعف من أبيه من الناحية الاقتصادية والناحية الإدراية مَعًا، وكان الإنجليز خاصة يسندون حكمه الضعيف لأن ضعفه كان يمكنهم من تنفيذ رغباتهم في مصر والسودان. وعمت مصر النقمة التي كانت قد عمت السودان من قبل، فقد كثر نفوذ الإنجليز وزاد عدد الأجانب في مصر زيادة كبيرة جِدًّا، فنشبت ثورة أَحْمَدْ عُرَابِي بعد ثورة " المهدي " في السودان بأسابيع.

وتمادت الثورتان، ورأت بريطانيا فيهما تهديدًا لنفوذها ومصالحها في القارة الأفريقية كلها فاحتلت مصر في شهر شعبان من سنة ١٢٩٩ هـ (تموز - يوليو ١٨٨٢ م).

وحرصت بريطانيا على قمع حركة " المهدي " في السودان من وارء الجيش المصري فأبيدت النجدات المصرية التي أرسلت إلى السودان. وفي ربيع الثاني من سنة ١٣٠١ هـ (شباط - فبراير ١٨٨٤ م) أرسلت بريطانيا حملة على السودان بقيادة (غوردن)، ولكن حملة (غوردن) أيضًا خابت وقتل (غوردن) نفسه، لما سقطت الخرطوم في يد أتباع " المهدي " في ربيع الثاني من سنة ١٣٠٢ هـ (كانون الثاني - يناير ١٨٨٥ م).

وبعد ستة أشهر من مقتل (غوردن) توفي المهدي، في ٨ رمضان ١٣٠٢ هـ (حزيران - يونيو ١٨٨٥ م) فتولى الجهاد بعده عبد الله بن محمد الفقيه المعروف بـ " خليفة المهدي " أو بـ " الخليفة ".

وفي ١٣١٤ هـ (١٨٩٦ م) أعد الإنجليز حملة مشتركة (بريطانية - مصرية) بقيادة (كتشنر) استطاعت أن تقضي على حركة المهدي في معركة أم درمان، في جمادى الثانية من سنة ١٣١٦ هـ (١٨٩٨ م).

وقسم السودان من الناحية الاجتماعية قسيمن: قسمًا شماليًا وقسمًا جنوبيًا. أما القسم الشمالي فكان مسلمًا، وقد اقتصر إنشاء المدارس الرسمية في السودان على هذا القسم. أما القسم الجنوبي (وقد كان معظم أهله من الوثنيين البدائيين) فقد ترك للمبشرين الكاثوليك والبروتستانت يقومون فيه بالتعليم (١)، أو بالتبشير تحت ستار التعليم. ومنذ عام ١٩٢٦ جعلت الحكومة الإنجليزية المنتدبة على السودان تعطي المبشرين إعانة من ميزانة السودان مساعدة لهم على التعليم (٢).


(١) Dempsy ٤٥
(٢) ibid . ٤٨ f

<<  <   >  >>