للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغرب كلامًا يمكن أن نعده معبرًا عن طوية كل مبشر في بلاد الإسلام، قال (١): «إِنَّ عَمَلَ (المُبَشِّرَ) المَسِيحِيَّ بَيْنَ هَذَا الشُّعْبِ صَعْبٌ جدًّا. فَبَعْدَ عَمَلٍ اِمْتَدَّ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا صَحَّ عِنْدِي أَنَّ الطَّرِيقَةَ الوَحِيدَةَ لاِكْتِسَابِ هَذَا الشُّعْبِ إِنَّمَا هِي فِي النُّفُوذِ الشَّخْصِيِّ إِلَيْهِ - نُفُوذُ الرُّجَالِ وَالنِّساءِ الذِينَ امْتَلأُوا بِرُوحِ القُدُسِ (فَجَعَلَتْ لَهُمْ) قُوَّةً فِي حَيَاتِهِ الشَّخْصِيَّةِ وَخُلُقِهِمْ الشَّخْصِيِّ. وَحَتَّى يَسْتَطِيعَ المُبَشِّرُ أَنْ يَسْتَغِلَّ هَذِهِ القُوَّةَ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ أَوَلاً أَنْ يُقَارِبَ المُسْلِمِينَ مُقَارَبَةً شَدِيدَةً. وَهُنَا تَبْرُزُ الصُّعُوبَةُ ... إِنَّ المُشْكِلَةَ فِي العَمَلِ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِذَنْ، وَفِي شَمَالَ أَفْرِيقْيَا خَاصَّةَ، إِنَّمَا هِيَ فِي إِيجَادِ الطَّرِيقَةِ التِي تُسَاعِدُ فِعْلاً عَلَى الاِقْتِرابِ مِنْهُمْ. ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الحَاجِزَ العَظِيمَ الذِي يُدْعَى عَادَةً بِالتَّعَصُّبِ، وَهُوَ ذَلِكَ الجِدَارُ الشَّاهِقُ مِنَ الشَّكِّ وَالاِعْتِزَازِ بِالذَّاتِ وَمِنَ الكُرْهِ، قَدْ بَنَاهُ الإِسْلاَمُ حَوْلَ أَتْبَاعِهِ لِيَحْمِيَهُمْ فِي دَاخِلِهِ وَلِيَتْرُكَ المُبَشِّرَ خَارِجَهُ. إِنَّهُ جِدَارٌ طَالَمَا أَثْبَتَ، مَعَ الأَسَفِ، أَنَّ تَسَلُّقَهُ أَوْ اِخْتِرَاقَهُ مُسْتَحِيلٌ. إِنَّ رِجَالاً مِنْ (المُبَشِّرَينِ) قَدْ عَمِلُوا سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، وَفِي مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، ثَمَّ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَكْتَسِبُوا صَدِيقًا أَوْ صِدِيقَيْنِ. مِنَ الصَّعْبِ أَنْ تُحِبَّ مُسْلِمًا لأَنْ الْمُسَلَّمَ لَيْسَ مُحَبَّبًا إِلَى النَّفْسِ، وَلأَنَّه هُوَ عَادَةً يَشْمَئِزُّ مِنْ الذِينَ يُحَاوِلُونَ الاِقْتِرَابَ مِنْه إذَا نَالُوا ثِقَتَهُ».

إِعْدَادُ المُبَشِّرِينَ:

يدرس الذين يريدون أن يعملوا في التبشير مناهج خاصة مبنية على تفهيمهم روح الشرق. هنالك سياسة تهيمن على ذلك المنهاج، هي تصوير الشرق بصورة من التأخر والسوء تحمل طالب التبشير على أن يندفع في مهمته اندفاعًا أعمى. ولقد أوجدت مدارس لهذه المهمة منذ زمن بعيد في رومية وباريس وفي طليطلة بإسبانيا أضافت إلى مناهجها تدريبًا عسكريًا للتبشير بالقوة (٢).

ولم يكن من المستغرب أن تقوم الرهبنات الأجنبية على اختلاف نزعاتها بالتبشير. إن فرقًا مختلفة من الرهبان قامت منذ أوائل القرن الثالث عشر بالتبشير، ثم استمرت في عملها هذا بعد ذلك. ومنذ القرن الرابع عشر إلى القرن الثامن عشر كان الرهبان الدومينكان والفرنسيسكان يعملون جاهدين في مراكش والجزائر وتونس ومصر والشام.


(١) Gairdner ٢٦٣ - ١٦٠.
(٢) Addison ٥٧ f

<<  <   >  >>