للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هِيَ مَاذَا يَكُونُ مِنْ أَمْرِ هَذَا الاِنْقِلاَبِ العَظِيمِ عَلَى دِينِ الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ (العُثْمَانِيَّةِ)؟» ويجيب (جسب) نفسه على هذا التساؤل فيقول: «إِنَّ هَذَا سَيُسَاعِدُ عَلَى طَبْعِ الكُتُبِ البْرُوتِسْتَانْتِيَّةِ، وَسَيُصْبِحُ المَرْءُ (العُثْمَانِيُّ) حُرًّا فِي أَنْ يُغَيِّرَ دِينَهُ» (١).

وبينما كان المبشرون المؤتمرون في القاهرة في نيسان عام ١٩٠٦ يعترفون ضمنًا بصعوبة التبشير، وإن التبشير كان إلى ذلك الحين فرديًا يتناول الفرد بعد الفرد، وإنهم يأملون أن يصبح التبشير إجماعيًا يتناول جماعات بقضها وقضيضها (٢) إذا بهم يقررون في مؤتمر بيروت غير الرسمي، قبيل عام ١٩١١، أن يبدأوا تنصيرًا بين المسلمين مباشرًا يسير في سورية وفلسطين خاصة بهدوء وبوسائل مختلفة. ولا يجد المبشرون حرجًا في أن يعلنوا أن نشر الدستور العثماني قد جعل التنصير المباشر أكثر إمكانًا وسهولة. من أجل ذلك قرروا أن يجددوا جهودهم وأن يسيروا بأعمالهم إلى الأمام (٣).

واستغل المبشرون مناسبة ثانية لتوسيع أعمالهم. لقد استغلوا الانتداب الذي فُرِضَ على البلاد العربية بالقوة، ثم احتموا بالدول المنتدبة وراحوا يخلقون المشاكل الدينية والقومية بين أبناء الوطن الواحد بإتيانهم أعمالاً تستفز الشعور وتزيد البغضاء في القلوب: تلك البغضاء التي لا تنفجر أحيانًا دينيًا وإن كانت تنفجر دائمًا، بلا ريب، سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وأدبيًا.

جَنِينَةُ رَسْلاَنْ:

ونظر اليسوعيون في منطقة الانتداب الفرنسي فاختاروا أن يوسعوا جهودهم التبشيرية في بلاد العلويين بين النُّصَيْرِيَّةِ ليفرضوا عليهم المذهب الكاثوليكي. فزعموا أن نفرًا من هؤلاء قد جاءوا إلى الراهبات اليسوعيات في صافيتا وطلبوا منهن أن يقبلنهم في المذهب اللاتيني. ويقولون: إن الراهبات المذكورات اتصلن ببيروت فأسرع رهبان يسوعيون من بيروت إلى بلاد العلويين واستكتبوا رجلاً اسمه (محمد تامر) - أو زعموا ذلك اسمًا لرجل نُصَيْرِيٍّ - كتابًا، ثم أرسلوا كتابه إلى البابا، وفيه يقول بزعمهم: إن النُّصَيْرِيَّةَ من أحفاد الصليبيين، وإن التعليم الديني عند الرهبان جعلهم يرون أن النصرانية خير الأديان.


(١) Jessup ٧٩٠ f
(٢) Addison ١٤٨
(٣) Islam and Missions ٣٩ f

<<  <   >  >>