للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفَصْلُ الثَّالِثُ: التَّعْلِيمُ مَيْدَانٌ فَسِيحٌ لِلْتَّبْشِيرِ:

[١] التعليم عمومًا

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ • ... • ... • وَلَوْ عَظَّمُوه فِي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا

وَلَكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ، وَدَنَّسُوا • ... • ... • مُحَيَّاهُ بِالأَطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا

كانت العصور الوسطى في التاريخ الإنساني تدعى العصور المظلمة لأنها كانت عصورًا خَبَا فيها نور العلم. فلما طلع العلم بنوره على أوروبا من الشرق بدأت غياهب تلك الظلمات تنجاب عن أوروبا شيئًا فشيئًا حتى ازدهرت المدينة فيها وعمتها الحضارة. فأوروبا المتحضرة بِنْتُ العلم وحده وليست بنت الدين. لقد كانت الروح الدينية في العصور الوسطى على أشدها في أوروبا وكانت أوروبا لا حضارة لها. فلما فضلت أوروبا العلم أصبحت قبلة الحضارة في العصور الحديثة.

«كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ» (١)، ولكنه يولد وفيه استعداد طبيعي يتوجه به نحو الخير أو الشر، ونحو صناعة دون أخرى. ولا ريب في أننا إذا استثنينا بعض عوامل الوراثة الطبيعية وجدنا أن الموجه الحقيقي لكل فرد إنما هو البيئة الأولى التي احتضنته صغيرًا. على أن عوامل البيئة تظل تعمل في الأفراد والجماعات، ولكن تأثيرها يقل كلما تقدم الإنسان في السن.

ولقد أدرك المبشرون هذه الخاصة في البشر، هذه الخاصة التي يجب أن تستغل في سبيل الإنسانية وفي سبيل جلاء شخصية الفرد وبناء شخصية المجموع. ولكن المبشرين ضربوا بهذا كله عرض الحائط واستخدموا العلم في سبيل غايات


(١) حديث شريف.

<<  <   >  >>