للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى مَدَى عِلْمِيٍّ دُنْيَوِيٍّ. مِثْلَ هَذَا العَمَلِ يُمْكِنُ أَنْ تَقُومَ بِهِ جَامِعَاتُ هَايْدَنْبَرْغْ وَكَمْبْرِدْجْ وَهَارْفَرْدْ وَشِيفِيلْدَ، لاَ الجَمْعِيَّاتُ التَّبْشِيرِيَّةُ التِي تَسْعَى إِلَى أَهْدَافٍ رُوحِيَّةٍ فَحَسْبَ» (١).

وكان (جسب) قد قال قبل ذلك: «إِنَّ المَدَارِسَ شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ لِنَجَاحِ التَّبْشِيرِ، وَهِيَ بَعْدَ هَذَا وَاسِطَةٌ لاَ غَايَةٌ فِي نَفْسِهَا. لَقَدْ كَانَتْ المَدَارِسُ تُسَمَّى بِالإِضَافَةِ إِلَى التَّبْشِيرِ (دَقُّ الأَسْفِينْ) وَكَانَتْ عَلَى الحَقِيقَةِ كَذَلِكَ فِي إِدْخَالِ الإِنْجِيلِ إِلَى مَنَاطِقَ كَثِيرَةٍ، لَمْ يَكُنْ بِالإِمْكَانِ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا الإِنْجِيلُ أَوْ المُبَشِّرُونَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ» (٢).

ويرى بعضهم: «أَنَّ المَدَارِسَ قُوَّةٌ لِجَعْلِ النَّاشِئِينَ تَحْتَ تَأْثِيرِ التَّعْلِيمِ المَسِيحِيِّ أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ قُوَّةٍ أُخْرَى (٣). ثُمَّ إِنَّ هَذَا التَّأْثِيرَ يَسْتَمِرُّ حَتَّى يَشْمَلَ أُولَئِكَ الذِينَ سَيُصْبِحُونَ يَوْمًا مَا قَادَةً فِي أَوْطَانِهِمْ (٤).

ورأي المبشرين في ذلك لم يتغير قط، حتى المستر (بنروز) الذي جاء في عام ١٩٤٨ ليتسلم زمام الرئاسة في جامعة بيروت الأمريكية كان أيضًا خاضعًا لهذه الفكرة، إنه يقول (٥): «لَقَدْ أَدَّى البُرْهَانُ إِلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ أَثْمَنَ وَسِيلَةٍ اسْتَغَلَّهَا المُبَشِّرُونَ الأَمَرِيكِيُّونَ فِي سَعْيِهِمْ لِتَنْصِيرِ سُورِيَّةَ وَلُبْنَانَ ... وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ تَقَرَّرَ أَنْ يُخْتَارَ رَئِيسُ الكُلِّيَّةِ البْرُوتِسْتَانْتِيَّةِ الإِنْجِيلِيَّةِ (الجَامِعَةُ الأَمِرِيكِيَّةُ اليَوْمَ) مِنْ مُبَشِّرِي الإِرْسَالِيَّةِ السُّورِيَّةِ».

وفي الوقت الذي كان الدكتور (بنروز) يعد مواد كتابه التبشيري، انعقد في القدس (في نيسان ١٩٣٥) مؤتمر تحت إشراف فرع فلسطين من لجنة التعليم للمجلس التبشيري المتحد. ولم يضع المؤتمر تقريرًا على عادة المؤتمرات الأخرى، بل عهد إلى أحد أعضائه (هـ. دانبي) ليضع كتابًا توجيهيًا يتضمن ما وصل إليه المؤتمرون من الملاحظات والآراء (٦).

يقول (دانبي) في كتابه (ص ١): «كَانَ التَعْلِيمُ ... وَسِيلَةً قَيِّمَةً إِلَى طَبْعِ مَعْرِفَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالعَقِيدَةِ المَسِيحِيَّةِ وَالعِبَادَةِ المَسِيحِيَّةِ (فِي نُفُوسِ الطُّلاَّبِ)».

والمؤلف يفرق بين المدارس المسيحية التبشيرية. «إِنَّ المَدَارِسَ التَّبْشِيرِيَّةَ تُحَاوِلُ أَنْ تَنْقُلَ الطُّلاَّبَ مِنْ مَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ إِلَى مَذْهَبِهَا هِيَ. أَمَّا المَدَارِسُ " المَسِيحِيَّةُ " فَإِنَّهَا تُحَاوِلُ أَنْ تُهَيِّئَ لِلْطَّالِبِ، مِنْ أَيِّ مَذْهَبٍ كَانَ، جَوًّا مَسِيحِيًّا وَتُحَمِّلُهُ فِيهِ عَلَى مُمَارَسَةِ


(١) Jessup ٥٩٢, ٥٦٧
(٢) Jessup ٥٦٢, p ٥٩٢
(٣) Anna A. Milligan, ١٠٨
(٤) Milligan, ١٢٤ - ٥
(٥) Penrose ٧, ١٠ (*)
(٦) جميع أرقام الصفحات المحصورة بين الأهلة في متن المقاطع التالية تعود إلى: H. Danby, Why Christian Schools ? or what can Christian Schools contribute ? with particular reference to Palestine, Jerusalem ١٩٣٦

<<  <   >  >>