للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلإِيمَانِ المَسِيحِيِّ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِ الأَمِينِ أَنْ يُعَاوِنَنَا عَلَى بُلُوغِ هَذِهِ الغَايَةِ؟ ثُمَّ إِذَا كَانَ هُوَ يَعْتَقِدُ بِهَذِهِ الغَايَةِ (لأَنَّهُ ضَعِيفُ الشَّخْصِيَّةِ خَنُوعٌ) وَلَكِنَّهُ لاَ يَخْطُو خُطْوَةً يُصَبِحُ بِهَا مَسِيحِيًّا، أَفَلاَ يَكُونُ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى تَلاَمِيذِهِ تَأْثِيرٌ سَلْبِيٌ فَيَسْتَنْتِجُونَ مِنْ سُلُوكِهِ أَنَّ الدِّينَ لَيْسَ مَوْضُوعًا ذَا أَهَمِّيَّةٍ حَاسِمَةٍ؟» (ص ٦٢، ٦٧، ٦٨).

«فَلِلْمَدَارِسِ المَسِيحِيَّةِ إِذَنْ رِسَالَةٌ تُؤَدِّيهَا. وَلِرِسَالَتِهَا هَذِهِ غَايَةٌ قُصْوَى، هِيَ أَنْ تَجْعَلَ الشُّعُوبَ كُلَّهَا فِي المُسْتَقْبَلِ تَابِعَةً لِلْكَنِيسَةِ». (ص ١٠١، رجع ص ١٤ وما بعدها إلى ١٨)

من أجل ذلك كله ترفض هذه المدارس - وفي فلسطين خاصة - أن تتقيد بالمنهاج الرسمي للبلاد (١): «إِنَّ تَقَيُّدَ هَذِهِ المَدَارِسَ بِالمَنَاهِجِ الرَّسْمِيَّةِ يُفْقِدُهَا صِفَتَهَا التَّبْشِيرِيَّةَ المَسِيحِيَّةَ وَيَجْعَلَهَا مَدْرَسَةً فِي عِدَادِ المَدَارِسِ الوَطَنِيَّةِ فَتَبْطُلُ الغَايَةُ مِنْ وُجُودِهَا». (راجع ص ٦، ١٠)

وهكذا نرى أن عقلية الأجانب، الذين يأتون إلى بلادنا باسم العلم ونشر العلم، لم تتغير قط في القرن الذي انقضى على بدء مجيئهم إلى هذه البلاد، منذ أيام (دانيال بلس) إلى أيام (ستيفن بنروز): كلهم مبشرون في الدرجة الأولى، وناشرون للعلم بِالعَرَضِ فقط. وما يقال عن الجامعة الأمريكية يقال عن الجامعة اليسوعية وعن كل إرسالية أجنبية.

وبما أن التبشير رأسًا لم يجعل أحدًا من المسلمين يصبأ إلى النصرانية، فقد اتفق المبشرون على أن يقتربوا من المسلمين بطريقة غير مباشرة. والكل متفقون على أن التعليم أفضل هذه الطرق غير المباشرة (٢). من أجل ذلك يجب ألا نستغرب إذا كانت أكثر مدارس البنين والبنات - والمدارس الأمريكية خاصة - لا تزال مرتبطة بالإرساليات (٣). ومع أن الإرساليات التبشيرية تحاول النفوذ إلى الطوائف المسيحية المتعددة في الشرق، كأن يكتسب البروتستانت مثلاً نفرًا من الأرثوذكس، فإن المقصود الأول بالتبشير من طريق التعليم هم المسلمون، وخصوصًا بعد أن تبدلت الأحوال والعقليات بعد الحرب العالمية الأولى. وهكذا كان «تَارِيخُ الأَعْمَالِ التَّبْشِيرِيَّةِ فِي البِلاَدِ الإِسْلاَمِيَّةِ، إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ، تَارِيخًا لِلْتَّعْلِيمِ الأَجْنَبِيِّ» (٤).


(١) إن مدارس الإرساليات في لبنان تحاول كلها ألا تتقيد بالمنهاج الرسمي في التعليم وتطالب بجعل التعليم حُرًّا.
(٢) M W, July, ٣٦, pp ٢٢٤ ff
(٣) M W, Oct. ١٩٣١. p ٣٨٩
(٤) cf Milligan ٢٠; Christian Workers ٢١. III ; Gairdner ٢٧٧ f

<<  <   >  >>