للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهذه الأسباب يعمل المبشرون على استغلال الجهل بين الشعوب والأمم لينفذوا إلى غاياتهم. كتب (بنيامين ماراي) مقالاً في مجلة " العالم الإسلامي " موضوعه: " شَمَالِيُّ نَيْجِيرْيَا مَيْدَانٌ لِلْتَّبْشِيرِ " (١)، استعرض فيه حالة تلك البلاد وما هي عليه من التأخر العلمي على الأخص، «إِذْ أَنَّ [الذِينَ] يُحْسِنُونَ القِرَاءَةَ وَالكِتَابَةَ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الكِتَابَةِ فَقَطْ، لاَ يَتَجَاوَزُ اثْنَيْنِ وَنِصْفٍ بِالمِائَةِ»، ثم قال (ص ١٨١): «وَهَذَا يُتِيحُ فُرْصَةً عَظِيمَةً لِلْتَّعْلِيمِ التَّبْشِيرِيِّ المَسِيحِيِّ».

وَسَائِلُ التَّبْشِيرِ فِي أَثْنَاءِ التَّعْلِيمِ:

لما بدأ المبشرون عام ١٨٣٤ يفتحون المدارس في بلادنا كان معظمهم يقصر التعليم على التوراة والإنجيل فقط لا يريد أن يتعداهما، إذ أن غاية المبشرين الحقيقية كانت إعداد شبان للتعليم في مدارسهم أو للعمل في مكاتبهم (٢) توسيعًا لحركة التبشير. على أن بعضهم كان يود أَنْ يُعَلِّمَ الطُّلاَّبَ شيئًا آخر سوى التوارة والإنجيل (٣). ولكن المبشرين كلهم أجمعوا على أن التعليم الديني شيء أساسي في سبيل غايتهم، واقترحوا فوق ذلك أن يوحد المبشرون مشروعهم المسيحي في التعليم (٤).

في ذلك الحين كان العلم قليل الانتشار في بلادنا. يقول (هنري جسب): «إِنَّنَا إِذَا اسْتَثْنَيْنَا القُرْآنَ وَكُتُبَ الدِّينِ (كَالتَّفْسِيرِ وَالحَدِيثِ وَالفِقْهِ) بَيْنَ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ كُتُبَ اللاَّهُوتِ (الفِقْهُ المَسِيحِيُّ) بَيْنَ النَّصَارَى، لَمْ يَكُنْ ثَمَّتَ فِي البِلاَدِ العَرَبِيَّةِ كُتُبٌ» (٥).

على أن في هذا مبالغة. لقد كان ثمت كتب لغة وكتب أدب ودواوين شعر كثيرة. ولكن هذه الكتب كلها كانت على كل حال قليلة الانتشار بين عامة الشعب. ويشهد (جسب) أنه كان في ذلك العصر كثيرون من المسلمين يقرأون (ويكتبون أيضًا)، أما بين النصارى فكان الذين يستطيعون القراءة والكتابة نفرًا قليلين. من أجل ذلك كله فكر المبشرون كلهم بأن يتخذوا من التعليم وسيلة وستارًا إلى التبشير. ولقد رتبوا ذلك على المنهاج التالي:


(١) Nothern Nigeria as a Mission Field, Benjamin J. Marais, " The Moslem World ", April ١٩٣٥ pp, ١٧٣ ff
(٢) Richter ١٦١
(٣) cf. Re-Thinking Missions ١٦٢: Richter ١٩١
(٤) Re-Thinking Missions ١٦٤ , ٢٦٣; Bliss R ٣٣٤ : Jessup ٥٩٣ ff. etc
(٥) Jessup ٢٧

<<  <   >  >>