للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - ومن سياستهم أيضًا بناء كنيسة إلى جانب كل مدرسة (١). ولا ضرر مخصوص من ذلك.

٧ - ويرى المبشرون أن يتظاهروا بدرس مشاكل الشباب المختلفة وبذلك ينفذون إلى نفوس الشباب من أهون الطرق لاجتذابهم إلى أديانهم ومذاهبهم. وإذا لم يستطع المبشرون ذلك فما عليهم إلا أن يوجهوا الشباب توجيهًا مسيحيًا (٢).

فالمبشرون إِذًا، إذا عملوا في التعليم، فإنهم لا يقصدون بذلك وجه العلم. إنهم يحاولون أن يستغلوا العلم في سبيل شيء آخر.

نَشَاطُ المُبَشِّرِينَ مِنْ طَرِيقِ التَّعْلِيمِ:

لقد أساء المبشرون إلى أشرف مبادئ الإنسانية، إلى العلم، لما اتخذوا منه وسيلة إلى التبشير. إن الأب الذي يأتمن على ابنه مدرسة ما من المدارس يقدم أثمن ما لديه وهو يعتقد أنه وضع ابنه - وهو لا يزال ساذجًا بريئًا - بين يدي أنبل الناس، بين يدي المعلمين. ولكن المعلم المبشر مخلوق قد نفرت من قلبه أجمل معاني الإنسانية، فقد نفرت من قلبه الأمانة والاستقامة والصدق. نحن نفهم أن يتعرض المبشر لرجل ناضج ويحاول أن يستميله بضروب الاستمالات، كما يتعرض الشيوعي أو الجمهوري أو الملكي أو الاشتراكي إلى الناس ليقنعهم بصواب مذهبه. أما أن يتخذ رجل أشرف ثوب أسبغه اللهُ على الإنسانية ليخادع به الأطفال ومن فوقهم قليلاً، فهذا عندنا وعند الناس كلهم منتهى الكفران للأمانة التي علقت في رقاب البشر. ألم يقل شاعرنا شوقي:

قُمْ لِلْمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبْجِيلاَ ... كَادَ المُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولاَ

أَعَلِمْتَ أَشْرَفَ وَأَجَلَّ مِنَ الذِي ... يَبْنِي وَيُنْشِئُ أَنْفُسًا وَعُقُولاَ؟

هذا الذي ظنه شوقي، وظنه الناس كلهم، أشرف الناس قد جاء إلى بلادنا يلبس ثوب التقى ويتظاهر بعنون الإنسانية بينما تنطوي نفسه على أعظم قسط من الرياء يستغله في أشرف مكان على هذه الأرض، في المدرسة. وإذا نحن علمنا أن الإسلام قد قال على لسان رسول الله محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «عِلْمُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَبْعِينَ سَنَةٍ» (*)، أدركنا مقدار ما في نفوس المبشرين، الذين يتخذون العلم وسيلة إلى غاية ضيقة ومستورة،


(١) Jessup ٥٩١
(٢) Re -Thinking Missions ١٦٣ f. ٢٦٤

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) لم يرد حديث مُسْنَدٌ بهذا اللفظ وإنما هو حديث موقوف على عبد الله بن عباس: «طَلَبُ العِلْمِ سَاعَةً خَيْرٌ مِنَ قِيَامِ لَيْلَةٍ وَطَلَبُ الْعِلْمِ يَوْماً خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ». انظر " تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة "، لابن عراق، حديث رقم ٩٠. عَنْ نَهْشَلُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُرَاسَانِيّ وَهُوَ كَذَّابٌ.
قال الإمام الشوكاني معلقًا على هذا الحديث: «فِي إِسْنَادِهِ كَذَّابٌ»، انظر: " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة "، للشوكاني، تحقيق الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني، إشراف الشيخ زهير الشاويش، ص ٢٥٥، حديث رقم: (٨٨٧ - ٣٦)، الطبعة الثالثة، ١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧م، المكتب الإسلامي - بيروت.

<<  <   >  >>