للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من النفاق والرياء والجناية على الإنسان والروح الإنسانية.

على أن المبشرين استغلوا العلم النبيل ستارًا لغايات هي بدورها ستار لغايات أخرى، لقد تظاهروا بالعلم وتظاهروا بالإحسان إلى الناس وتظاهروا بالدين، ولكنهم في الحقيقة يريدون - هم ومن استخدمهم - أن يصلوا من طريق هذا النشاط البريء في ظاهره إلى استعباد الشرق واستغلاله سياسيًا واقتصاديًا.

في عام ١٢٩٤ للميلاد ظفر (رامون لل) (١) بمقابلة من (البابا سلستين الخامس) وقدم له كتابين فيهما خطة للتبشير بين المسلمين في الأكثر. وكانت خطة (رامون لل) ذات شقين، أولهما أن تتخذ الكنيسة العلم والمدارس وسيلة للتبشير، وثانيهما أن ينصر المسلمين بالقوة إذا لم تنجح فيهم الجهود السلمية (٢).

ومع أن (البابا سلستين) هذا لم يصغ تمام الإصغاء إلى (رامون لل) (٣). فإن التبشير مشروع بابوي متميز حتى من النصرانية نفسها (٤). إن (غريغوريوس السادس عشر) الذي أصبح بَابَا عام ١٨٣١ قد شجع اليسوعيين على المجيء إلى سورية وأمر بالعمل فيها (٥). وكذلك أعطى (البابا ليون الثالث عشر) اليسوعيين في سورية عام ١٨٨١ حق منح الشهادات بأنواعها. وهكذا أصبحت جامعة القديس يوسف جامعة باباوية (٦).

أما (بيوس الحادي عشر) الذي جاء إلى عرش رومية عام ١٩٢٢ فقد كان يسمى بابا التبشير (٧). وهكذا نرى أن التبشير من طريق التعليم مشروع باباوي في أساسه وتطوره.

وللتعليم عند المبشرين غاية واحدة، هي تنصير التلاميذ الذين يحضرون إلى المدارس. في الكية الإنجليزية في القدس طلاب مسلمون ونصارى ويهود. وكانت سياسة المدرسة أن تبشر فيهم كلهم (٨). إلا أن المقصود بالتبشير هو المجموع الإسلامي.

ذلك لأن تاريخ الأعمال التبشيرية في بلاد الإسلام كان إلى حد كبير تاريخًا للتعليم التبشيري (٩).

ولقد استغل المبشرون التعليم لأن التعليم أثرًا فعالاً، بل هو أقوى وسائل التبشير. وعلى هذا الأساس بدأ المبشرون بإنشاء مدارسهم. حتى أنهم أنشأوا أول مدرسة


(١) Ramon Lull
(٢) Addison ٤٥
(٣) Addison ٤٦
(٤) cf. Jung ١٠
(٥) Les Jésuites en Syrie ١ : ٨, ٩
(٦) ibid. ١:١٠, ١١
(٧) Page de Mission, cf. Les Jésuites en Syrie ١ : ٧
(٨) Cash ١٤٩
(٩) Christian Workers ٢٠

<<  <   >  >>