للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عزلة لا يستطيعون أن يتحدوا [مع] المجتمع الذي يعيشون فيه.

ولقد أدرك المبشرون ذلك كله. وبما أن غاية المبشرين ليست دينية في الدرجة الأولى بل هي «إفسادية»: يحاولون بها أن يفككوا وحدة الأمة الإسلامية ليحكموا شعوبها، فإنهم قنعوا أن يفسدوا هذه الشعوب، لأن إفساد الشعوب يصل بالمبشرين إلى غايتهم القصوى وهي تمكين الدول الغربية من حكم البلاد الإسلامية. أما النصرانية فإن الذين يمولون المبشرين لا يهتمون بها البتة. إن هؤلاء المبشرين الذِينَ يُرْسَلُونَ إلى الشرق لاكتساب نفوس جديدة إلى صفوف النصرانية - في الظاهر - يصرخون في كل مكان: «أَعِيدُوا أَوَّلاً إِلَى الكَنِيسَةِ طُلاَّبَنَا نَحْنُ، وَفِي أَمِرِيكَا نَفْسَهَا» (١).

إذن يجب على المبشرين أن يفسدوا الطلاب المسلمين، يقول المبشر (تكلي) (٢): «يَجِبُ أَنْ نُشَجِّعَ إِنْشَاءَ المَدَارِسِ، وَأَنْ نُشَجِّعَ عَلَى الأَخَصِّ التَّعْلِيمَ الغَرْبِيَّ. إِنَّ كَثِيرِينَ مِنَ المُسْلِمِينَ قَدْ زُعْزِعَ اِعْتِقَادُهُمْ حِينَمَا تَعَلَّمُوا اللُّغَةَ الإِنْجْلِيزِيَّةَ. إِنَّ الكُتُبَ الغَرْبِيَّةَ تَجْعَلُ الاِعْتِقَادَ بِكِتَابٍ شَرْقِيٍّ مُقَدَّسٍ أَمْرًا صَعْبًا جِدًّا».

ويبدو بوضوح أن المبشرين لم يستطيعوا إفساد المسلمين بالقدر الذي تمنوه فقنعوا بأن «يُلَوِّنُوا» الطلاب المسلمين بالنصرانية تلوينًا يبعدهم بعض البعد عن عقيدتهم الأولى ثم يدنيهم بعض الدنو من النصرانية.

• • •

مما لا ريب فيه أن ذهاب الطلاب الشرقيين إلى أوروبا وأمريكا يكسبهم شيئًا من أساليب الحياة الغربية ومن الاتجاه الغربي في التفكير والعلم والسلوك وما إلى ذلك. ولا ريب أيضًا في أن لذلك حسناته وسيئاته. ولكن المبشرين يريدون أن يفيدوا من دراسة الطلاب الشرقيين في الخارج أمرًا آخر. إنهم يريدون أن يجعلوا من هؤلاء الطلاب «نَصَارَى» بالفعل أو مماثلين للنصرانية (٣).

ويدخل في هذا الباب زواج المسلمين بالغربيات، الأوروبيات والأمريكيات، وسيأتي الكلام عليه مبسوطًا في مكانه.

وتطيب هذه الفكرة للمستشرق المبشر وللمستشار الشرقي في وزارة المستعمرات


(١) Missionary Outlook ٢٧٥
(٢) Takle, cf. ٢١٧ : cf. Islam and Missions :cf. alsoMissionary outlook ٢٧٥ - ٦
(٣) Missionary Outlook ٢٧٦ ff

<<  <   >  >>