للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وواضح من الكلمة الأخيرة في هذه العبارة أن كل ما اشترطته الطالبة في العبارة القرآنية هو مجرد السلامة. والسلامة أدق مرتبةً من البلاغة. والبلاغة أدق مرتبةً من الاعجاز والقرآن قد وصف نفسه بأنه معجز في أكثر من موضع. فقال تعالى:

{وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣)} [البقرة: ٢٣]

وتكرر هذا المعنى نفسه في سورة يونس (١٠ - ٣٨) وفي سورة هود (١١ - ١٣) وفي سورة الطور (٣٢ - ٣٤).

بل زاد على ذلك فجعله معجزاً للإِنس والجن. فقال تعالى:

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} [الإسراء: ٨٨]

وتصر الطالبة على ما زعمته من النزول بالعبارة القرآنية إلى مرتبة السلامة والصحة وحسب، حين تقول بعد ذلك (ص ١٢ س ٢):

(وكان الرسول عليه السلام إذ يفعل ذلك مطمئناً على النص القرآني، لأنه باللغة العربية بين أصحاب تلك اللغة. فالخلافات بينهم لن تكون خلافاً بين خطأ وصواب. ولكنها كلها خلافات في داخل إطار الصواب، يسبِّب وجودَها العواملُ التي لا بد منها، من لَهْجية وشخصية واجتماعية).

وزعمت الطالبة أن المسلمين لم يتفقوا على نص موحَّد للقرآن. وكل ما وصلوا إليه في زعمها هو شيء يشبه النص الموحد. فكانوا حين يرددون القرآن يحرصون - حسب تعبيرها -.

(على الاتفاق على ما يشبه النص الموحّد. وقَبِل منهم الرسول عليه السلام ذلك, لأنه كان مطمئناً إلى أن التحريف لن يدخل القرآن. فلغته هي

<<  <   >  >>