للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الكتاب باستعراض مقالين طويلين، أحدهما للدكتور كامل عياد عن (مستقبل الئقافة في المجتمع العربي ص ١٤٣ - ١٦٧) والآخر للدكتور عبد الرزاق أحمد السنهوري عن (القانون المدني العربي ص ٥ - ٢٩).

أما المقال الأول (مستقبل الثقافة في المجتمع العربي) - وهو مقال طويل يشغل خمساً وعشرين صفحة - فيبدو من عنوانه أن صاحبه يعارض كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) لطه حسين. والوأقع أنه لا يعارض الكتاب في عنوانه فحسب، ولكنه يعارضه - كما سنرى - في أسلوبه الفكري أيضاً، ويتفوق عليه في جرأته على الدين وإسرافه في إنكار ما وراء المادة المحسوسة الملموسة من عالم الغيب، ومحاربة كل مواريثنا الدينية والأدبية والاجتماعية على الإِطلاق. وهو يبني تفكيره على وهم خاطئ جعله أساساً لكل ما بناه عليه من الأباطيل، فقد زعم - أو توهم - أن (الروحانية) التي يصف بها كتّابُ الغرب وباحثوه ثقافتنا الشرقية إنما يقصد بها صرفنا عن اللحاق بهم. لأن هذه الروحانية (تستند إلى العاطفة والوجدان، وتتعارض مع التفكير العقلي القائم على المشاهدة الحسية والتجربة العلمية والنظرة الموضوعية. وعلى كل حال فإِنما القصد هو إظهار الفرق بين الغربيين والشعوب الأخرى. ثم في ضع هذه الشعوب إلى التمسك بعاداتها وتقاليدها وطرائق تفكيرها القديمة، لئلا تقتبس الحضارة الحديثة وتسعى للتحرر من سيطرة الغربيين - ص ١٤٩). وقد بني زعمه هذا على واقعة شهد فيها مندوباً من مؤسسة روكفلر الأمريكية يزور الجامعة السورية بدمشق، وقد تلكأ هذا المندوب ولاذ بمختلف المعاذير حين أعربت له الجامعة عن حاجتها إلى بعض المخابر والأجهزة العلمية، ولكنه لم يلبث أن أظهر البشاشة ولم يتردد في قطع الوعود بالمساعدة حين انتقل الحديث إلى إنشاء معهد لدراسة التصوف الإِسلامي. والواقع أن كاتب المقال لم يحسن فهم دلالة هذه الواقعة، ولم يكن على صواب في استنباط ما استنبطه منها. فليس صحيحاً ما زعمه وما استنبطه من أن دول الاستعباد الغربي تريد أن تصرف الناس في مستعبَداتها عن اقتباس الحضارة الغربية. ليس ذلك صحيحاً على إطلاقه. فمن الثابت المؤكد أنهم عملوا على نشر مساوئ حضارتهم التي تتضمن جانب الترف والتفنن في المتع والملذات، وفي وسائل التسلية

<<  <   >  >>