للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنكاثًا.

لهذا جاء البيان الإسلامي للإنسانية وتمثل في قول الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٥٦] (١).

رابعًا: وليس صحيحًا أن أمور الاقتصاد والاجتماع من الفروع التي تقع تحت طائلة الاجتهاد فيمكن للمسلم أن يتبع النظام الراسمالي أو النظام الشيوعي ويصبح يمينيًا أو يساريًا ذلك أن الإسلام قد وضع لهذه الأمور قواعد كلية، لا يجوز الخروج عليها، وهي القواعد الواردة في القرآن والسنة وفيها قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (٢).

ولو كانت هذه فرعيات ومتروكة للاجتهاد كما يزعمون لأصبح لدى المسلمين إسلام ماركسي وإسلام اشتراكي وإسلام رأسمالي. واللهُ يقول: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ ...} (٣).

وأيضًا فإن الشيء وضده ينسب إلى الإسلام، كتحريم الملكية على الأفراد أو ترك الحرية للاحتكار والاستغلال.

خامسًا: وليس صحيحًا أن رفض اصطلاح اليسار واليمين يؤدي إلى فرض الانتماء السياسي في عهد الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والخلفاء، وهو في نظرهم انتماء لا يتفق مع مقتضيات عصرنا فما طَبَّقَهُ الرسول والخلفاء الراشدون ليس انتماءً سياسيًا بل اتباع لشريعة الله. فقد تجاهل هؤلاء أن الإسلام يطلق الاجتهاد للأمور التي تخضع للحواس، اي للتجربة البشرية فهذه تركها للناس، حيث قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ». أما ما لا يخضع للحواس والتجارب فقد نزل فيه الوحي بالقرآن والسنة.

من ذلك النظام السياسي والاجتماعي الذي فرض الشورى في مصالح الناس الدنيوية. قال الله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٤). فالإسلام يقوم على التسليم بسيادة الله وشرعه في الحلال والحرام. قال تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (٥) [الأنبياء: ٢٣]. وقال - عَزَّ وَجَلَّ -


(١) [البقرة: ٢٥٦].
(٢) [الأحزاب: ٣٦].
(٣) [الأنعام: ١٦٢، ١٦٣].
(٤) [آل عمران: ١٥٩].
(٥) [الأنبياء: ٢٣].

<<  <   >  >>