للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مطلقة أو عقل مطلق، ونقيض ذلك العقل المقيد وهي الطبيعة التي هي ضد العقل المطلق فهي مقيدة ومحدودة.

فالله عند (هيجل) لم يخلق الطبيعة بل يحمل في ذاته نقيضه، لذلك كانت الطبيعة ضرورية وصدفة وليس فيها حرية اختيار، والدولة هي صورة من صور العقل المجردة التي تمثل الإرادة العاقلة الإلهية، ولهذا كان (هيجل) يدعو إلى طاعة الدولة طاعة عمياء، فسمى بفيلسوف البلاط، ومن ثم ظهر المذهب الوضعي الذي [دعا] إليه (كونت)، ويرفض سيادة الدين أو العقل ويميل إلى سيادة الطبيعة على الدين والعقل الذي لا يعترف إلا بما جاء عن التجارب الحسية، وادعى (كونت) أن ما وراء الطبيعة «الله والوحي والدين» هو وهم سراب.

ثم جاء (كارل ماركس) بعد هذه المراحل وبعد تكتل القوى ضد الدين الكنسي وضد الإقطاع فاستخدم مبدأ النقيض في مجال الاقتصاد ودعا إلى الفلسفة المادية التي تستخدم جدلية (هيجل) ولكنه ادعى أنها كانت مقلوبة فعدله، فـ (هيجل) يقول: إن العقل أساس الخلق، بينما (ماركس) يقول: إن المادة خالقة العقل، وينكر وجود الله تمامًا.

وكان من أثر الثور الفرنسية ١٧٨٩ م قيام النظام الرأسمالي الذي رفع شعار الحرية وفصل الدين عن الدولة، وعبارة (آدم سميث) هي: «دعه يعمل، دعه يمر»، وبالتالي سيطر رأس المال على الأخلاق وعلى مقدرات البشر، وتحكم كالماركسية في حاضرهم ومستقبلهم، وأصبحت المنفعة هي الضابط الذي يتحكم في الإنسان (١).


(١) " السياسة في ٣٠/ ٥ / ١٩٨٦ وتفصيل الموضوع في كتاب " الغزو الفكري للتاريخ والسيرة ".

<<  <   >  >>