للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- ومراسل اللجنة المركزية فرع البصرة: اليهودي (يوسف ساسون).

- والمسؤول عن مركز المراسلات في بغداد: اليهودي (شنطوب شميل).

فهل يتدبر المنخرطون في سلك اليسار والسائرون في ركابه إلى أي وجهة يقصدون وبقيادة من يسيرون (١).

تَزْوِيرُ المَذْهَبِ المَادِّيِّ لِلْتَّارِيخِ:

إن أتباع المذهب المادي وخدامه يزعمون أن أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما اتبعوا ليخلصهم من المظالم، وليهنأوا برغد العيش في ظل الحكم الجديد.

وهؤلاء لا يجهلون أنه لا يخلو مصدر من المصادر التاريخية من بيان موقف الرواد الأوائل لهذا الدين. إنهم لم يدخلوا هذا الدين ابتغاء مغنم في الدنيا أو لرفع ظلم السادة لهم، لأنهم يعلمون تمامًا أن دخولهم في هذا الدين لن يرفع عنهم الأغلال الدنيوية، ولن يمنحهم المال أو الجاه أو السلطان.

فالقرآن الكريم يعلن أن أتباع هذا الدين لا بد أن يفتدوه بأموالهم وأنفسهم.

قال الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} (٢). وقال - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (٣).

ولهذا عندما أسلم بلال بن رباح صب عليه سيده أمية بن خلف كل أنواع العذاب، بما في ذلك وضع الصخرة الكبيرة على صدره، وتركه فوق الرمال الملتهبة في الظهيرة مع ضربه بالسياط بمعرفة حراس غلاظ شداد لا تعرف الرحمة إلى قلوبهم سبيلاً.

كما أن المصادر التاريخية تعلن أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقدم وعودًا لأحد بتحسين وضعه الاجتماعي، أو رفع الظلم والعذاب عنه. وَفِي هَذَا يَقُولُ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الكَعْبَةِ، فَقُلْنَا لَهُ: أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا؟ قَالَ: «قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ، فَيُجْعَلُ فِيهَا، فَيُؤْتَى بِالمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الحَدِيدِ، مَا دُونَ لَحْمِهِ


(١) " الوطن " في ٢٥/ ١٠ / ١٩٨٥ نقلاً عن كتاب " الغزو الفكري للتاريخ والسيرة "، للمؤلف.
(٢) [آل عمران: ١٨٦].
(٣) [البقرة: ١٥٥].

<<  <   >  >>