للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إعلانها، وإنا نصرح هنا مرة أخرى أن جلالة ملكة بريطانيا العظمى ترحب باسترداد الخلافة على يد عربي صميم من فروع تلك الدوحة النبوية المباركة». (صدر في ٣٠ أغسطس سنة ١٩١٥).

فبمثل هذه الوعود كفل العرب للجيوش البريطانية الأمن، والخدمات وللفرنسيين مثل ذلك، لأنهم حلفاء جاؤوا لإقامة الخلافة الإسلامية العربية الهاشمية. ثم كان ما سمي بالثورة العربية الكبرى، التي أدت إلى احتلال بريطانيا وفرنسا للعالم العربي، والتي قال عنها (لورانس) في كتابه " أعمدة الحكمة السبعة ": استطاع (اللنبي) بحكمته أن يحقق ذلك «أي إسقاط الخلافة التركية ودون أن يراق دم إنجليزي». وهكذا أشعل هؤلاء النعرات القومية والوطنية، والمراد بها ترك رابطة الإسلام العالمية، والتي توجد بين الجميع ثم إحياء الآثار والأجناس القديمة. فالمصريون أحفاد الفراعنة، واللبنانيون أحفاد الفينيقيين، والعراقيون أحفاد البابليين، والحجازيون أحفاد العرب، ثم تحول ذلك إلى صراع القوميات فهذه قومية عربية، وتلك كردية وبتركيا طورانية وبغيرها بربرية.

وهكذا يجدد العرب المسلمون ما قضى عليه الإسلام من النعرات الجاهلية، وذلك باسم الوطنية والحرية والقومية. فهل أدرك القوم ذلك بعد أن وزعت أوطانهم ومزقت أوصالهم وأصبحوا أيتامًا على موائد اللئام، أم أن العصبية والمصالح ستحجب الرؤيا، أم سترفع شعارات أخرى واتهامات لكل من كشف النقاب عن مكمن الخطر، وكل من تمسك بقول الله: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (١).

لقد وجد بجانب صراع القوميات، صراع الأيديولوجيات، فهذه دولة رجعية وتلك تقدمية، والشعوب هي المجني عليها هنا وهناك فهل إلى علاج من سبيل؟ (٢).

مَكَانُكُمْ أَيُّهَا المُؤْتَمِرُونَ لِبَحْثِ أَزْمَةِ التَّطَوُّرِ الحَضَارِيِّ فِي الوَطَنِ العَرَبِيِّ:

لقد دعت الجامعة وجمعية الخريجين إلى بحث أزمة التطور الحضاري في الوطن العربي، فاجتمعت ندوة لهذا الغرض خلال الفترة من ٧ إلى ١١ أبريل، وكان واضحًا من المناقشات أن الندوة تحولت إلى مباريات وصراعات بين مختلف العقائديات والاتجاهات.


(١) [الأنبياء: ٩٢].
(٢) نشرت بـ " الوطن " يوم ٢٦/ ٣ / ١٩٧٤.

<<  <   >  >>