للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكتب السماوية الأخرى كالأنجيل والتوراة، لمجرد أن مصدرها الدين طبقًا لما استقر عليه النظام العلماني بقاعدة فصل الدين عن الدولة.

٢ - ليس صحيحًا أن العلمانية تعني التفكير العلمي أو تقتصر على التقدم الصناعي والمعماري، فالعلم قد أثبت أن أكل لحم الخنزير يضر بالإنسان ويكفي أنه يولد الدودة الشريطية التي يصل طولها بأمعاء الإنسان إلى ثمانية عشر مترًا، كما أثبت العلم أضرار الفواحش وتمثل ذلك في أمراض الزهري والسيلان ثم أخيرًا مرض الإيدز، ومع هذا فالتشريعات العلمانية في أوروبا تبيح هذه الأمور والعلم يوجب خطرها أما أن الفكر الديني يناهض العلوم والتصنيع ولهذا لجأت أوروبا إلى المذهب العلماني فإن ذلك قاصر على أوروبا وحدها ولا ينبغي أن نتبع أوروبا في مشاكلها وأمراضها أو في علاج المشاكل والأمراض التي ليست في مجتمعاتنا، فالإسلام يطلق الحرية الكاملة في البحث العلمي وفي كل شيء يتعلق بالصناعة وغيرها مما يخضع للتجارب البشرية، فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد قال: «أَنْتُمْ أَعْلَمُ [بِأَمْرِ] دُنْيَاكُمْ». والأحاديث والآيات القرآنية في هذا لا نكاد نحصيها.

٣ - إن ما عرف في أوروبا باسم الحكم الثيوقراطي أو الحكومة الإلهية، أمر لم يوجد في المجتمعات العربية ولن يوجد فيها، فإذا كان لرجال الدين في أوروبا في القرون الوسطى ما عرف باسم الحق الإلهي، الذي يخول لهم التصرف في الناس وفي التشريعات وفي أمور الحلال والحرام ثم يقولون: إن هذا من الله، وبالتالي كانوا يملكون صكوك الغفران والحرمان، كما قاموا بسجن أو حرق من بحث في العلوم الطبية أو غيرها من العلوم التجريبية فإن كل ذلك لا وجود له في الإسلام فهو لا يخول أحدًا من الناس في هذه الخصائص أو غيرها، كما أنه لا يفوض أشخاصًا بأعيانهم لتولي السطلة في الأرض أو لممارسة السلطة الدينية على الناس بل إن القرآن الكريم قد نزل لإبطال هذه المغالطات المنسوبة إلى الدين وإلى الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -، فقد أعلن ذلك إلى الناس جميعًا، قال الله: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (١).

٤ - إن تأدية بعض الزعماء للصوم والصلاة والنظم العلمانية ليس معناه أن هذه النظم لا تتعارض مع الدين، لأن التعارض بين الدين والعلمانية يكون فيما يتعلق بالتشريعات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، لأن العلمانية لا تعني إنكار وجود الله والديانات كماهو الحال في الشيوعية، وقد سجل القرآن موقف أهل مدين في هذا الشأن من نبيهم شعيب في


(١) [آل عمران: ٦٤].

<<  <   >  >>