للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الزنا، حيث أن قانون العقوبات المصري نقلاً عن القانون الفرنسي لا يجعل الزنا وهتك العرض جريمة في ذاته بل يصبح جريمة إذا تم عن طريق الاغتصاب أو مع زوجة بغير رضا زوجها، ومثل هذه القوانين يجب إبطالها لأن المحاكم من تلقاء نفسها يفترض أن تحكم بعدم دستوريتها على غرار محكمة النقض سالف الذكر.

ولما كان ذلك: فلا مجال لتأخير تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية بدعوى أن البشر الذين يطبقونها لا عصمة لهم، لأن هذه العلة متوفرة عند تطبيق القوانين البشرية والتي لا تخلو من الثغرات والكثير من الخلافات، بينما نصوص الشريعة ممثلة في القرآن والسنة النبوية قد عصمها اللهُ من الأخطاء والثغرات، وما يحتمل الخلاف فيها إنما هو للتيسير على الناس، ويرتفع هذا الخلاف بموجب القواعد الشرعية إذا تبنى القاضي أو الحاكم رأيًا من الآراء الخلافية إذ يصبح هذا الرأي هو المعمول به ولا مجال للخلاف فيه.

الحُقُوقُ الضَّائِعَةُ بَيْنَ السُّلْطَةِ وَالعِلْمَانِيَّةِ: (*)

رد على الدكتور وحيد رأفت.

بتاريخ ٦ شوال ١٤٠٦ هـ (١٢/ ٦ / ١٩٨٦ م) نشرت جريدة " الوفد " للأستاذ الدكتور وحيد رأفت بعنون " الانتماء والولاء لمن؟ "، جاء به إنه «قد حققت الجماعات الدينية المعتدلة نصرًا ملحوظًا في موضوع تطبيق الشريعة عندما عدلت المادة الثانية من الدستور الحالي الصادر في ١١ سبتمبر ١٩٧١، وذلك للنص فيها على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. ولقد تعهدت الحكومة ومجلس الشعب بأنه لن يصدر تشريع بعد ذلك مخالف للشريعة الإسلامية، هذا بالإضافة إلى مراجعة التشريعات القائمة جميعًا لتنسيقها مع أحكام الشريعة ... غير أن الجماعات الدينية ولا سيما المتطرفة لا تكتفي بهذا القدر بل تطالب أيضًا بأن يكون لها دور أو قول في تصريف الشؤون العامة، وذلك سواءً بالسماح لها بتشكيل أحزاب دينية وهو ما يرفضه قانون الأحزاب رقم ٤٠ سنة ١٩٧٧ حتى يومنا هذا سدًا للذرائع، وحرصًا عل الوحدة الوطنية من التمزق، أو سواءً باختراق بعض الأحزاب السياسية القائمة» كما جاء به أن التيار الإسلامي الذي يملأ الآن الساحة ... يريد فرض نفسه على أرض الواقع تحت شعار أن الإسلام دين ودنيا أو دين ودولة أو عبادات ومعاملات وعقيدة وشريعة، ثم يقول: «والحق أن أحدًا لا يحاول صرف رجال الدين أو المشتغلين بالدين عن إبداء رأيهم في الشؤون العامة الدنيوية ... وفي مصر


(*) نشر بـ " المجتمع " يوم ١٩/ ٨ / ١٩٨٦ حيث لم تنشره " الوفد ".

<<  <   >  >>