للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما في نطاق اتصال الدولة بغيرها من الدول وهو ما يعرف حاليًا بالقانون الدولي، فالإسلام نظام عالمي تضمن المعاهدات الداخلية والمعاهدات بين الدول في السلم والحرب. قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١).

وقال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٢).

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (٣).

- رابعًا: وأخيرًا تعلل الباحث بأمر آخر فقال: «لقد نص القرآن الكريم على أن محمدًا - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - هو آخر النبيين والمرسلين. ومعنى ذلك أن استمداد الحاكم السلطة من الله لمن يكون بعد وفاة النبي. فكل من جاء بعده وتولى الخلافة كان يستمد سلطته من الناس وليس من الله»، وقال: «ونستطيع أن ننظر في الخلافة فنرى الخليفة يستمد سلطته من الناس عن طريق البيعة، فإن كانت الحكومة الإسلامية التي تطالب بها الجماعات الدينية، هي الحكومة التي تستمد سلطتها من الناس فلا فرق كبير بينهما وبين ما تمارس به الحكومة اليوم من سلطات. وأما إذا كانوا يدعوننا إلى سلطة دينية فإن السلطة الدينية لا تكون إلا من الله وقد أعلن القرآن الكريم أن محمدًا - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - آخر الأنبياء وخاتم المرسلين، أي آخر الناس الذين يستمدون سلطتهم في إدارة شؤون الحياة من الله».

إن هذا القول يخلط بين حكم الإسلام وبين الحكومة الدينية التي ظهرت في أوروبا وكانت تدعي أنها ظل الله في الأرض، وبالتالي فما يصدر عنها يكون تشريعًا من الله لأنها جاءت بسلطان من الله تعالى.

وهذا الأمر يرفضه الإسلام جملة وتفصيلاً. والقاصي والداني يعلم ذلك. فالقرآن الكريم قد حذر من هذا السلطان الديني الكاذب وعده من أنواع الشرك بالله، وهذا ما قاله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (*) لعدي بن حاتم: «أَلْقِ عَنْكَ هَذَا الوَثَنَ»، وَقَرَأَ عَلَيْهِ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} [التوبة: ٣١]، قَالَ عَدِيٌّ: «مَا عَبَدْنَاهُمْ». قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَمْ يُحِلُّوا لَكُمْ الحَرَامَ فَاتَّبَعْتُمُوهُمْ». قَالَ عَدِيٌّ: «بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ»، قَالَ:


(١) [آل عمران: ١٠٤].
(٢) [الحجرات: ٩].
(٣) [النساء: ٥٨].

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / البَاحِثُ: تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) قارن بما في صفحة: ١٤، ٥٠، ١٨٧، ٢٥١، ٢٥٥ من هذا الكتاب.

<<  <   >  >>