للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (١).

والعداء الناشب بين هذين الحزبين سببه الوحيد هو تمسك أتباع الشياطين بمصالحهم وبالمنافع والمكاسب التي يحققونها من استغلالهم لغيرهم من بني الإنسان.

فأهل مدين كان اعتراضهم وكان حربهم لنبيهم شعيب ومن آمن معه، منصبًا حول ربط الدين بالأخلاق، حيث أمرهم بهذا في قوله: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (٢).

فكان جوابهم هو: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (٣). كما كان اعتراض أعداء الإسلام في عصر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْصَبًّا حول تسوية الإسلام بين الأغنياء والفقراء في الحقوق العامة والخاصة، ولهذا نزل الوحي بالرد على طلبهم أن يكون للأغنياء مزايا خاصة حتى يؤمنوا بهذا الدين، فقال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا، وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (٤).

أَعْدَاءُ الدِّينِ فِي المَاضِي وَالحَاضِرِ:

لقد استخدم أعداء هذا الدين الحرب الساخنة للقضاء على الإسلام وأتباعه، فلما فشلوا ونصر الله القلة المؤمنة، تحول أتباع حزب الشيطان إلى النفاق فأظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر؛ ليهدموا الإسلام من داخله فكان حديث الإفك عن أم المؤمنين عائشة، ثم كان مقتل عثمان ثم مقتل الإمام علي، ثم الحرب التي كان وراءها هؤلاء المنافقون.

ثم كانت الحروب الصليبية، وبعد فشلها تحول المعول إلى الداخل، فكانت أعمال اليهود داخل المجتمع عن طريق حزب الاتحاد والترقي. ثم كان ما سمي بالثورة العربية ضد الخلافة العثمانية التي تمخضت عن تقسيم البلاد العربية وتوزيعها بين بريطانيا وفرنسا واليهود.


(١) [الأنعام: ١١٢].
(٢) [هود: ٨٥].
(٣) [هود: ٨٧].
(٤) [الكهف: ٢٨، ٢٩].

<<  <   >  >>