للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس بقوله المجرد؛ لأنه يعتقد أنه لا ينطق إلا باسم الله الذي فوضه في ذلك، وليس بين المسلمين من يدعي لنفسه ذلك، فكيف يدعي هو ذلك؟ لأنه يرفض أن يكون القرآن والسنة المصدر الذي نحتكم إليه.

٤ - إن الربط بين بعض المتطرفين المسلمين وبين صكوك الغفران لرجال الدين في أوروبا أمر غير صحيح، وهو قياس مع الفارق، فرجال الدين في أوروبا كانوا يزعمون أنهم يتحدثون، باسم الله، ولهذا فإن ما يحلونه في الأرض يحله الله في السماء، وما يحرمونه في الأرض يحرمه الله في السماء وهم يستندون في ذلك إلى " الإنجيل " الذي ينص على أن ما يحله عيسى باعتباره ابْنًا للهِ يحله الله في السماء، وما يحرمه في الأرض يحرمه الله في السماء، ولهذا لجأ الناس إلى العلمانية وهي عدم المبالاة بالدين والاعتبارات الدينية.

فهل يوجد من المسلمين من يدعي أنه يملك صكوك الغفران والحرمان، بمعنى أنه يملك أن يطرد أحدًا من جنة الله، أو أن يدخله هذه الجنة لأنه يملك أن يحط عنه ذنوبه أو يحملها عنه.

نرجو أن يدلنا الدكتور بالاسم على من يقول بذلك من المسلمين لندخله مستشفى المجانين؛ لأنه بهذا يكون قد فقد عقله أَوْ اسْتَحَقَّ الحَجْرَ عَلَيْهِ.

٥ - أن من أسماهم بالمتطرفين المسلمين لا يكفرون من خالفهم، أو أساء إليهم ولا يهدرون دم من خالفهم في الرأي. بل يقولون إن من أنكر معلومًا من الدين بالضرورة، أو فعل فعلاً لا يحتمل إلا الكفر فقد حكم على نفسه «بِإِنْكَارِهِ أَوْ فِعْلِهِ» بالكفر، وجعل نفسه نِدًّا للهِ، ويكفر بذلك بالإجماع. كما أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد أهدر دم المرتد عن الدين الخارج عن الجماعة، وأن الذي يوقع العقوبة هو الحاكم المناط به تنفيذ أمر العقوبات، كأي نظام اجتماعي في الدنيا بأسرها. كما أنهم لا يبتدعون حكمًا من عند أنفسهم بل يقولون بحكم الله تعالى، الذي أجمع عليه المسلمون وكان على من رمى هؤلاء بالتطرف أن يذكر النص الشرعي الذي خالفوه. أما من خرج على هذا الإجماع وزعم أن المسلم لا ينبغي أن يحتكم إلى شريعة الله، فقد انطبق عليه قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: ٦٠]، ولكن لا نحدد أشخاصًا أو أسماء لنقول إنها بأسمائها وأعيانها كفرت؛ لأن هذه مهمة المحكمة الإسلامية فيما يعرض عليها من وقائع وليست مهمة الأفراد.

<<  <   >  >>