للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا غير موجود ولا مسموح به في بلد الاشتراكية والديموقراطية كما تدعي، فإن الأخبار تتوارد بين الحين والآخر بتسليط أشد أنواع العقاب على من ينتقد نظامها، وما جزاؤه إلا السجن والتعذيب.

وإليك أحد الأمثلة على ذلك، وهي كثيرة:

وقع في سنة (١٩٦٦) أن وجه كاتبان روسيان (١) نقدا إلى النظام الشيوعي وأظهرا ما فيه من عيوب ونقائص، فهل اتسعت صدور حكام روسيا - الاشتراكيين الديموقراطيين - لقبول هذا النقد؟ وهو منهم وإليهم، وهل أحلوه محله اللائق به؟ وناقشوا آراء الكاتبين فلعلهما مصيبان فيما قالا؟ وهل يحترمون أفكار الناس وآراءهم؟ لم يستطيعوا حتى سماعه - فضلا عن مناقشته - شأنهم في هذا الشأن شأن كل الحكام الاشتراكيين ولو كانوا من المتطفلين على الاشتراكية، بل عمدوا إلى القوة - كعادتهم - والانتقام، فحوكم الكاتبان على أفكارهما - التحررية كما هي العادة - وحكم عليهما بالسجن، كم يا ترى؟ عشر سنين - فقط - من أجل مقال في صحيفة - لا من أجل قتل نفس بشرية - والحادثة هذه هز صداها العالم كله، وأذيعت في الإذاعات العالمية، كما نشرتها الصحافة أيضا وعلقت عيها على ما تراه حسب منهاجها، هذه هي الحرية والديموقراطية التحررية التي يتغنى بها زعماء الاشتراكية وإلا فلا، هذه حادثة واحدة من أمثالها، وهي كثيرة، فضيق صدور الحكام الاشتراكيين لا يتسع للنقد والتوجيه، ولعلهم يعتقدون أنهم - دائما - على الصواب لا يخطئون وهذا نفس الخطإ، وفي المثل المعروف: (من كان بيته من زجاج فلا يرم الناس بالحجارة).

كلنا يعرف أن من خصائص الدول الاشتراكية خنق حريات الشعوب التي تتحكم فيها، فلا حق لذوي الرأي في إبداء آرائهم وإظهار عواطفهم، لا بالكلام وحرية القول ولا بالسماح بإصدار الصحف لتعبر عن رغبات وعواطف الأمة، ولا بطبع الكتب إلا برخصة خاصة من وزارة الأخبار والثقافة، كأن الناس في حالة حرب يجب أن تفرض عليهم الرقابة، كما أنه لا يسمح أيضا بتأسيس الجمعيات لخدمة الأمة، إلا إذا كانت لخدمة مصلحة الاشتراكية والواقع أوضح دليل على ذلك، فأنى للحاكم أن يعرف


(١) هما الكاتبان: دانيال ورفيقه.

<<  <   >  >>