للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معنى أنوشروان:

ولما قتل كسرى أنوشروان (مزدك) وأراح منه ومن شره البلاد والعباد، اجتمع الكهان وخلعوا على الملك هذا اللقب (أنوشروان) شكرا له وتقديرا لما فعل بمزدك وجماعته المفسدين في الأرض، ومن ذلك الوقت صار يدعى (كسرى أنوشروان) ومعناه بالعربية - الروح الخالدة، أو مجدد الملك - لأنه أعاد للأمة الفارسية - ذات الحضارة القديمة - ما كانت أضاعته من أراضيها في أيام الملوك المتقدمين عليه، فجمع ملكها الكبير بعد شتات استمر أزمانا.

٣ - ما قاله المؤرخ الطبري:

وذكر المؤرخ الطبري - مبينا دعوة مزدك - ما يلي: (قال مزدك وأصحابه إن الله إنما جعل الأرزاق في الأرض ليقسمها العباد بينهم بالتآسي، ولكن الناس تظالموا فيها، وزعموا - يقصد مزدك وجماعته - أنهم يأخذون للفقراء من الأغنياء، ويردون من المكثرين على المقلين، وأنه من كان عنده فضل من الأموال والنساء والأمتعة فليس هو بأولى به من غيره، فافترص السفلة (١) ذلك واغتنموه، وكانفوا (٢) مزدك وأصحابه وشايعوهم، فابتلي الناس بهم وقوي أمرهم، حتى كانوا يدخلون على الرجل في داره فيغلبونه على منزله، ونسائه، وأمواله، لا يستطيع الامتناع منهم، وحملوا قباذ على ذلك، وتوعدوه بخلعه، فلم يلبثوا إلا قليلا حتى صاروا لا يعرف الرجل منهم ولده، ولا المولود أباه، ولا يملك الرجل شيئا مما يتسع به، وصيروا قباذ في مكان لا يصل إليه أحد سواهم) (٣).

وهكذا في كل زمان ومكان من قديم الزمان إلى يومنا هذا، إذا أحاطت حاشية السوء والفساق بالملوك - ومن كان في منزلتهم - فإنهم يحولون


(١) السفلة: بفتح السين وكسر التاء وفتح السلام، أو بكسر السين وسكون الفاء وفتح السلام هم: شرار الناس وأراذلهم، وجدوا في دعوة مزدك فرصة لهم فاغتنموها.
(٢) المكاتفة: المعاونة.
(٣) تاريخ الرسل والملوك ج ٢ ص ٩٢ - ٩٣ - طبع المعارف.

<<  <   >  >>