للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أما المرأة فقد رفع الإسلام قدرها، وأعلى منزلتها، في حدود وظيفتها، وأوصى بها خيرا، بالإحسان إليها كيفما كانت، أما، أو بنتا، أو زوجة، بعد أن كانت قبله محتقرة لا تذكر ولا تستشار في أي شيء حتى فيما يعود إليها شأنه، وقد خولها الإسلام ما تستحقه، فإن كانت أما فحقها على ولدها عظيم، فعليه رعايتها ونفقتها إذا كانت فقيرة، فلها عليه حقوق ثلاثة ولأبيه عليه حق واحد، كما نبه على هذا أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج الشيخان - البخاري ومسلم - وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: ((أمك) قال: ثم من؟ قال: ((أمك) قال: ثم من؟ قال: ((أمك) قال: ثم من.؟ قال ((أبوك))) وأعظم من هذا فإن رضى ربه موقوف على رضاها، وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الجنة تحت أقدام الأمهات) (١) كفاية.

وإن كانت بنتا فقد أوصى الإسلام أباها بتربيتها وتعليمها حتى تستقل بنفسها في بيتها، وسيرة السلف فيها الكثير من هذا الإرشاد الديني الذي جهله الخلف، فأصابه الانحراف والتلف.

أما إن كانت زوجا فالله جل وعلا أوصى الرجال بحسن معاشرة الزوجات، كما قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢) وفي هذا الأمر ما فيه من شتى الوصايا.

وفي حجة الوداع خطب الرسول صلى الله عليه وسلم خطبته المشهورة - في يوم عرفة - في المشهد الحافل، تلك الخطبة التي جمعت الشيء الكثير من حسن التوجيه وأصول الدين وفروعه، وهي في الحقيقة خطبة رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين كي يسيروا عليها، في هذه الوقفة المشهورة في التاريخ الإسلامي لم ينس الرسول الرحيم المرأة المسلمة، فاهتم بها، فقد أوصى واستوصى بالنساء خيرا، بل وحتى في اللحظة الأخيرة من حياته، وقبل مفارقته لهذا العالم، فقد أوصى بالصلاة وبالنساء خيرا.


(١) أخرجه القضاعي والخطيب في التاريخ.
(٢) الآية ١٩ من سورة النساء.

<<  <   >  >>