للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان إلى جنبي امرأة أروبية عاملة هي الأخرى وكانت تتأفف من - الحياة وأتعابها، ولما عرفتني أنني مسلم جزائري قالت لي: كم أتمنى أن لو كنت امرأة مسلمة أقيم في بيتي، أربي أطفالي، وأقوم بشؤون بيتي، وزوجي يعمل خارج البيت، كي نعيش مع أطفالنا عيشة هنية سعيدة، قال محدثي: فقلت لها: وما الذي أسخطك وأغضبك من هذه الحياة؟ قالت: ها أنت ترى حالي، إنني أفارق بيتي كل صباح في الساعة السادسة ولا أعود إليه إلا ليلا، وأنا فيها بين رئيسين اثنين: رئيس المعمل، فهو يطالبني بالعمل في المصنع، ولا يسمح لي بالتأخر لحظة، وإذا تأخرت فهناك الزجر والتقريع والتهديد بالطرد من المصنع، ورئيس البيت - زوجي - يطالبني بحقه علي، فأنا في أشد الاضطراب والحيرة من حياتي التعسة، ثم تنفست وقالت: آه لو كنت امرأة مسلمة لكنت في راحة تامة من كل هذا العناء الذي أعانيه والتعب والشقاء الذي أنا فيه ... قال: فقلت لها: اصبري وتحملي هذه هي حياة مجتمعكم ...

هذه شهادة امرأة أروبية - تقدمية بلا شك - عرفت أن هناءها وسعادتها في بيتها، ووسط زوجها وأطفالها، لا في المصنع ولا في - الإدارة - وكم من امرأة أروبية قالت وتمنت مثل هذه السيدة، ذلك أن المرأة أدركت - بعد التجربة - أن قسمة العمل بين الرجل والمرأة أولى وأفضل بها، فهي عاملة في البيت، وهو عامل خارجه، ليقتسما أتعاب الحياة، وليخف الحمل على المرأة الضعيفة، وبهذا تكون الحياة خفيفة - نوعا ما - وسعيدة عليهما، إذ هي شركة بينهما.

ولعل في كلمة الفيلسوف الإنكليزي - المعاصر - والمتوفى أخيرا - بيرتراند راسل - درسا بليغا لمن أراد أن يفهم حقيقة الحياة والواقع - من حمقى المتزعمين - حقيقة عمل المرأة خارج بيتها ومملكتها وإدارتها.

هذا العمل المخالف لما أوصت به الشريعة الإسلامية من صون المرأة المسلمة عن الاختلاط بالرجال، حتى في أوقات العبادة كالصلاة والطواف بالبيت وغيرهما مما قد يحدث فيه اجتماع في وقت واحد، وقد علمنا أن الشريعة الإسلامية وزعت الأعمال بين الذكر والأنثى، فالفيلسوف الإنكليزي (بيرتراند راسل) غير رجعي، وغير تقدمي أيضا ... ولكنه فيلسوف أدرك الحقيقة بفكره الصافي النير، كتب هذا الفيلسوف يقول تحت عنوان:

<<  <   >  >>