للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذه المعاني التي ذكرتها - وغيرها كثير - هي التي بعثت القوة والشجاعة في قلوب جنود جيش التحرير الجزائري وكلها حقائق لمسها من عاش وسط جيش التحرير، ولكن أنى للبعيد عنها - حسا ومعنى - أن يدركها أو يتذوقها؟ ولعله لا يصدق بها، فنقول له: (اسأل به خبيرا) إذ لازال الكثيرون من جنود جيش التحرير الصادقين أحياء، فإذا أردت الحقيقة فاسأل، ولا تحكم خيالك في أمر واقع ومشاهد.

كالبدر لا تختفي ليلا أشعته ... إلا على أكمه لا يعرف القمر

فالنتيجة التي شاهدناها نحن هنا، كما شاهد العالم - أجمع - آثارها نتيجة لا تنكر، وهي انتصار جيش التحرير الوطني الجزائري على جيش - بل جيوش - مغتصب بلاده، انتصر عليه بصواريخه البشرية التي صنعت في مصاخ المآذن المسجدية، فانطلقت مدوية في الفضاء، محطمة كل قوة وجدتها أمامها، فأحيت بذلك عمل أسلافها الأبطال وأثبتوا للعالم أجمع أن قوة الإسلام - المؤيدة من الله - لا تغلب، لأن الله معها وفي عونها، ومن كان الله في عونه فاز بالنصر والغلبة، ولم نسمع ولم نر في ذلك الوقت شيئا يدل على بطولة الملاحدة أو انتصاراتهم على العدو الجاثم على صدر الوطن، بل الذي نعرفه عنهم أنهم فروا هاربين إلى خارج حدود الوطن، خوفا على أنفسهم من الموت أو التعذيب أو حتى الاعتقال تاركين الشعب الجزائري - بإسلامه - يواجه العدو في محنته، وما أن انتصر على المستعمر وهدأت موجة الاعتقالات والسجن، ولا أقول الموت لأنهم ليسوا ممن يتشرفون بها، قلنا ما إن هدأت العاصفة حتى رجعوا إلى البلاد وجاؤوا للاستغلال، مقترحين وعاملين بحيلهم على قادة البلاد بأن تكون الدولة الجزائرية الجديدة دولة - لائكية - أي لا دين لها كالمولود - غير الشرعي - الذي يولد من أبوين غير معروفين، فلا يعرف له أصل، ولا دين، ولا وطن، فباؤوا بالفشل، وجاء دستور البلاد ينص على أن دين الدولة (الإسلام) فبقوا ينشرون - بين الحين والآخر - ما يمسون به شعور المسلمين، ويؤذون به أرواح الشهداء الذين بذلوا أرواحهم فداء لدينهم وعقيدتهم، يؤذونهم في أعز عزيز عليهم وهو دينهم وعقيدتهم.

ليعلم هؤلاء - وغيرهم - أن الجزائر تحررت بقوة الإيمان والإسلام

<<  <   >  >>