للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نجيب بأن العلماء على علم من هذا وأمثاله، غير أنه لم يسمح لهم، بنشر الردود على افتراآت المفترين، وكم من رد أرسلوه للصحف لينشر فأهمل، وقد كانت "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" (المؤسسة عام ١٩٣١) بالمرصاد - في أيامها - لكل من يتهجم على الإسلام - سواء ممن ينتسبون إليه أم من خصومه - ترد عليه بما يليق به وبأمثاله، وأعمالها ومواقفها معلومة غير مجهولة، غير أن ظروف الجزائر الحالية - وبعد الاستقلال طبعا - قضت على كل مؤسسة كانت قبل الاستقلال بالتعطيل، لذلك اجتمع جماعة من العلماء وأنصار العلم والدين، وأسسوا جمعية دينية - حسبما يسمح به الدستور الجزائري - باسم (جمعية القيم الإسلامية) سنة ١٩٦٣م، وأصدرت الجمعية مجلة لها تحمل اسم "مجلة التهذيب الإسلامي" وعملت الجمعية مدة ثلاث سنوات - في دائرة محدودة - غير أن كل ما له مساس بالدين لم يرق في أعين من كانت نياتهم سيئة بالنسبة للدين الإسلامي - بالخصوص - لما فيه من الروح والحيوية، فترصدوا لها المراصد علهم يجدون لها سببا يقضون به عليها، فكانت محنة محاكمة العلماء في مصر سنة "١٩٦٦" وعلى رأسهم الشهيد (سيد قطب) فأرسلت الجمعية برقية التماس لرئيس مصر الراحل جمال عبد الناصر، ترجوه فيها أن يتدخل في القضية بأن يخفف على من حكمت عليهم المحكمة بالإعدام، والذي قامت به الجمعية أمر يقتضيه واجب التراحم والأخوة الإسلامية، فظهر أن هذا السعي الإسلامي لم يعجب الملاحدة، سواء من كان منهم في الداخل أو في الخارج، إذ المكيدة كانت مدبرة من قبل الملاحدة - كما كشف عنها النقاب من بعد - وما الاتهامات والمحاكمات إلا شيء صوري لا غير.

والمعروف عند جميع الدول والشعوب أن عملا مثل هذا العمل الذي قامت به جمعية (القيم الإسلامية) شيء معروف ومستعمل، فهل في إرسال الجمعية لبرقية الالتماس شيء مخالف للقوانين والأعراف الدولية؟ وهل يعد مثل هذا تدخلا في شؤون الغير؟ - والإسلام جعل المسلمين كلهم إخوة - فقاموا للبرقية - تلك - وقعدوا ولم يجدوا لها غير صلاح واحد، وهو حل جمعية (القيم الإسلامية)، وتعطيل المجلة، وبذلك وقف نشاطها - كجمعية - وتعطلت عن أداء مهمتها، وهذا هو النظام الاشتراكي في كل بلد، فإنه لا يسمح بتأسيس أية هيئة أو تشكيلة - كيفما كانت - إلا إذا كانت تخدم مبادئه وتحمد أفعاله وتؤيدها.

<<  <   >  >>