للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ} (١)؛ فالسامري اتخذ من ذهب بني إسرائيل عجلا له خوار - وهو صوت العجل - وحث بني إسرائيل على عبادته، وقد رأينا من تعلق بعض المسلمين بذلك ما يذهل، فشرعوا يسلكون طريق العودة إلى ما كان عليه أولئك الأجداد المشركون، بتعظيمهم والانتساب إليهم والافتخار بهم وبأسمائهم، فمن أنواع ذلك التعظيم وإحياء تلك الآثار الرجوع إلى التسمي بأسمائهم، فقد صاروا يسمون أولادهم بأسماء أولئك الأجداد المشركين، مثل (فرعون) وهو الذي قال - جهلا وغرورا - {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}، كما قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}، ومثل هذا من سمى ابنته (الكاهنة) (٢) يقصد ملكة الأوراس البربرية، أو من سمى ولده (يوغرطة) مما رأيناه آخذا في الانتشار إذا لم يرجع المسلمون إلى أصل دينهم النقي من هذه الآثار والأقذار الشركية.

ومن تعظيم آثار المشركين الدعوة إلى العودة للغة البربرية، فقد أخذ البعض ممن أصلهم بربري في وضع حروف للغة البربرية - وهي لغة بلا حروف - يريد من وراء ذلك الاعتزاز بها، ولتكون عوضا عن اللغة العربية - لغة القرآن - في الجهات التي لا زالت مستعملة فيها كلغة للتخاطب في منطقتها فقط، ولسنا ندري ما تحمله الأيام في طياتها، ولعله سيتقدم - في يوم ما - بمشروعه، طالبا من الحكومة موافقتها عليه ليصبح نافذ المفعول والتطبيق، وهي دعوة جاهلية عنصرية يمقتها الإسلام، لأنها تدعو الأمة إلى الانقسام والتفرق، زيادة عن كونها تحارب لغة القرآن. وبهذه المناسبة نذكر ما قام به المستعمر أيام احتلاله للوطن، فقد حاول التفرقة

بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد، من جهة العنصرية والطائفية فلم يفلح، بالرغم مما بذله من مجهود، من ذلك أنه أنشأ محطة إذاعية خاصة باللغة البربرية، تبث برامجها سائر اليوم وطائفة من الليل، واستمر عملها إلى يومنا هذا، ولربما زاد على ما كان في أيام المستعمر، كما استمر عمل محطتي الإذاعة والتلفزة باللغة الفرنسية - لغة المستعمر - إلى الآن أيضا في أرض


(١) سورة طه الآية ٨٨.
(٢) وهي التي أعانت ملك البربر "كسيلة" على قتل الفاتح العظيم عقبة بن نافع الفهري رضي الله عنه.

<<  <   >  >>