للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستعمار في قواعد الإسلام، فهو يتداخل في الصوم ويتداخل في الحج، ويتداخل في الصلاة، حاربتموه طوال هذه المدة بكل سلاح غير الحديد والنار، فأبى أن يعترف لكم بحقوقكم الدينية، وباستقلالكم في مباشرة إسلامكم ودينكم، حين تنحى غيره عن حقوق الشعوب، وحين حرر غيره عوالم من المستعمرات والممتلكات، تنحت بريطانيا عن الهند، وعن باكستان وعن برما وعن مصر، ويأبى هذا الاستعمار الفرنسي أن يخرج عن المسجد ومن المعبد، ومن عبادات المسلمين في الجزائر، وتاريخ هذا الاستعمار وطبيعته واحدة، في الشام، في الهند الصينية، في تونس، في مراكش، إذ يأخذ كل شيء، الأخضر واليابس، القائم والحصيد، الماديات والمعنويات، ولا يترك شيئا منها مكرها مبعدا محكوما عليه بأقسى الأحكام من الحكومات الشعبية، ومن المنظمات العالمية ومن الشعوب المحبة للحرية والسلام.

[يجب أن نكون للأمة قدوة صادقة]

إخواني؛ إنكم في نظر شريعتنا الإسلامية، وأمتنا العربية، تشتغلون من حياة أمتكم ومن ميراثنا الإسلامي، وظيفة من يعد الأجيال الآتية، ويحمل مقدرات شعب تاريخي عربي، ووظيفة من يهدم الأوضاع, الفاسدة الباطلة، ويقيم مكانها الأوضاع الصالحة الصحيحة، وبالتالي إنكم مكلفون إن كنتم أمناء على وظيفتكم، وأمناء على وراثة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، بتمثيل ما جاءت به رسالته من عقائد، كما في سلوككم الشخصي في إظهار تلك الرسالة إلى الناس بمظهرها الحقيقي الصادق الصادع بالحق، وأنتم أيضا مكلفون بأن تقفوا من أمتكم التي تنظر إليكم نظر المأمومين من إمامهم، تصلح أعمالهم بصلاحكم، وتفسد بفسادكم، وتؤدي المهمة الإنسانية الدينية الشعبية على وجهها إذا أخلصتم أنتم في موقفكم، وإذا استوت ظواهركم وبواطنكم، وإذا سارعتم إلى الأعمال الصالحة بأنفسكم قبل أن تطالبوا بها غيركم،

<<  <   >  >>