للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد عقد الوالي العام، ندوة صحفية تكلم فيها عن هذه الحوادث فقال إنها حوادث أمليت إملاء من الخارج، واستشهد طويلا بأقوال مذياع "صوت العرب" من القاهرة، وقال إن الذين دبروا هذه الحوادث ونفذوها، يريدون أن يتخذوا منها حجة لدى هيئة الأمم المتحدة، لتنفيذ ما تقوله فرنسا، من أن الأمن مستتب بالقطر الجزائري.

أما الصحف الفرنسية، فقد انقسمت إلى قسمين، سواء بالجزائر أو بالبلاد الفرنسية، فالقسم المالي المتطرف، ينادي بوجوب الزجر والبطش، واستئصال الداء، بواسطة دراسة عادلة للوضعية الجزائرية، وتحقيق العدل والإنصاف في سائر الميادين، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالمشاكل الكبرى لا تحل بالعنف والبطش والإرهاب، إنما تحل بالدراسة والمفاهمة الصريحة والرجوع إلى الحق.

[ملاحظات وتعليق: عظمة الثورة ومغزاها]

هذه الأعمال الحربية كلها وقعت من ثوار الجزائر في ليلة واحدة وفي بضع ساعات من بداية قيام العمليات الحربية، والعارفون بجغرافية الجزائر، هم وحدهم، الذين يستطيعون أن يقدروا عظمة هذه الأعمال الجبارة، ويدركوا مغزاها، لأنها وقعت متفرقة، في أكثر من سبعين منطقة، تقدر مساحتها، بما يناهز نصف مليون كيلومتر مربع، وعلى مسافات وأبعاد، تقدر بآلاف الكيلومترات، ومع ذلك كله كان البدؤ بجميعها في ساعة من الليل واحدة، ومتجهة كلها إلى نواحي إستراتيجية خطيرة، كالإذاعات والثكنات العسكرية، والإدارات الحساسة ووسائل المواصلات على اختلافها، وما أشبه ذلك، الأمر الذي يدل على أنها حرب تحريرية جديدة لا مجرد مظاهرة عابرة، وعلى أن الشعب كله على اختلاف أفراده وجماعاته، لها مؤيدة، وتدل في الوقت نفسه، على نظام للثورة بديع ومدروس، وعلى قيادة عسكرية موحدة مطاعة، وعلى استعداد لمواصلة العمل الجدي حتى النصر النهائي والاستقلال التام.

عن مكتب جمعية العلماء الجزائريين بالقاهرة

الفضيل الورتلاني

<<  <   >  >>